نقطع بجوازه بالحديث المشتمل على حصر الأمور الثلاثة إلى آخر ما ذكره.
وأنت تعلم أن قضية حجته المذكورة جواز الترك في صورة تساوي الاحتمالين أيضا، لحصول الحجب وانتفاء العلم، مع أنه نص على خلافه.
ثم نقول: إن كان الظن حجة في المقام فلم يعد مظنون الدلالة من موارد الشبهة، وإلا فما الوجه في حكمه بوجوب الاحتياط إذا كان النص المفروض ظاهرا في الوجوب، دون ما إذا كان ظاهرا في الندب، أو كان النص واضح الدلالة قاصر السند، مع اشتراك الجميع في حصول الشبهة. وليت شعري هل فرقه المذكور بنص من الأئمة (عليهم السلام)، أو بمجرد الرأي وتشهي النفس، ولو وجد عنده نص في ذلك لكان عليه إيراده في المقام ليكتفي به في تبيين المرام.
ثم إنه ذكر بعد كلام له على جملة من المتأخرين وتكراره لبعض المطالب المتقدمة. نعم يمكن أن يقال: بناء على ما نقله في كتاب العدة رئيس الطائفة عن سيدنا الأجل المرتضى (رحمه الله) من أنه ذهب إلى أن في زمن الفترة الأشياء على الإباحة - بمعنى أنه لم يتعلق بهم شئ من التكاليف الواردة التي خفي عليهم، إذ تعلق التكليف يتوقف على بلوغ الخطاب عند الأشاعرة وعليه أو على قطع العقل بالحكم عند المعتزلة ومن وافقهم، والمفروض انتفاء الأمرين - أن من لم يتفطن بحكم الله في واقعة لم يتعلق به ذلك الحكم، لكن هذا خلاف قواعدهم، لأنهم لم يبنوا فتاويهم على أن زمانهم زمان الفترة، بل يقولون: هكذا نزلت الشريعة، وبين المقامين بون بعيد. قلت: ما ذكره سهو بين، فإن أحدا من أهل العلم لا يقول عند استدلاله بأصالة البراءة عند الفجر عن الأدلة أنه كذا نزلت الشريعة، بل يجعلون ذلك قضية تكليفهم عند فقد الأدلة، كما يعرف من أدلتهم المذكورة.
ثم إنه اختار معذورية أهل الفترة قال: وكذلك من علم إجمالا ولم يعلم تفصيلها، وبعد العلم بالتفاصيل في أمهات الأحكام - مثل: * (أألله أذن لكم أم على الله تفترون) * (1) وعد عدة من الآيات - لا يتجه العذر.