المذكور مبنيا على دلالته على انتفاء الحكم في نفس الأمر فهو من أفحش الخطأ، وإن كان ذلك عنده كاشفا عن رضاء الإمام (عليه السلام) بالترك فالمفروض... (1) في المقام بعد انسداد الطريق حسب ما نستنهضه من الأدلة على الأصل المذكور وقد اعترف به في بعض صوره كما عرفت.
ومع الغض عن ذلك - والقول بقيام الدليل في سائر الأدلة على جواز الحكم كذلك وعدم قيامه في المقام - فقد عرفت أنه لا ثمرة يعتد بها في المناقشة المذكورة بعد الحكم بالاعتماد عليه في ارتفاع التكليف في الظاهر حتى يحتاج إلى إطالة الكلام والمبالغة في الرد على من اختاره في المقام كما لا يخفى.
ومن أعجب العجب! ما وقع من صاحب الحدائق في المقام، حيث إنه مع دعواه الاتفاق على الأصل المذكور في كتابيه المذكورين - كما تقدم الإشارة إليه - نص فيهما أيضا عند ذكره مسألة الاحتياط على وجوب الاحتياط فيما إذا تردد المكلف في الحكم إما لتعارض أدلته، أو لتشابهها وعدم وضوح دلالتها، أو لعدم الدليل بالكلية بناء على نفي البراءة الأصلية، أو لحصول الشك في اندراج بعض الأفراد تحت بعض الكليات المعلومة الحكم أو نحو ذلك.
ثم ذكر أيضا في مثال الاحتياط الواجب المتعلق بالفعل ما إذا اشتبه الحكم من الدليل بأن تردد بين احتمالي الوجوب والاستحباب، فالواجب هو التوقف في الحكم والاحتياط بالإتيان بذلك الفعل.
ومن يعتمد على أصالة البراءة يجعلها هنا مرجحة للاستحباب.
وفيه أولا: ما عرفت من عدم الاعتماد على البراءة الأصلية في الأحكام الشرعية.
وثانيا: أن ما ذكروه يرجع إلى أن الله تعالى حكم بالاستحباب لموافقة البراءة الأصلية، ومن المعلوم أن أحكامه تعالى تابعة للحكم والمصالح المنظورة له تعالى وهو أعلم بها. ولا يمكن أن يقال: مقتضى المصلحة البراءة الأصلية، فإنه رجم بالغيب وجرأة بلا ريب.