المقام أقوى شاهد على خلافه.
نعم لو اخذت تلك المقدمة في الاحتجاج المذكور اتجه ما ذكره، وليس في المقام ما يفيد اتكال المستدل عليه أصلا.
وقد يتخيل من احتجاجه بإفادة الشهرة قوة الظن قوله " بتلك المقدمة " إلا أن احتمال كونه من قبيل ضم المؤيد إلى الدليل قريب جدا حسب ما أشرنا إليه.
قوله: * (وبأن الشهرة التي... الخ) *.
هذه العلاوة التي ذكرها لتوهين جملة من الشهرات وهي الحاصلة من بعد الشيخ (رحمه الله) موهونة جدا، بل فاسدة قطعا، كيف! وفيه تفسيق علماء الفرقة وتضليلهم أو تجهيلهم بحيث لم يبق في الفرقة مجتهد يرجع إليه حتى التجأوا إلى تقليد الأموات، وكل ذلك واضح الفساد، وجلالة هؤلاء وعظم منزلتهم في الفرقة معلومة، وذكر خلافهم ووفاقهم في المسائل متداول بين أساطين علمائنا كالفاضلين والشهيدين وغيرهم، ولو كانوا هؤلاء بمنزلة العوام المقلدة لما التفتوا إلى خلافهم ووفاقهم، وما اعتنوا بذكر أقوالهم، ومخالفة هؤلاء ومن تأخر عنهم للشيخ (رحمه الله) معروفة مذكورة في كتب الاستدلال، كما يعرف ذلك من ملاحظة فتاويهم المذكورة في كتبهم والمنقولة في كتب الأصحاب، ومخالفات المحقق ابن إدريس للشيخ (قدس سره) من الأمور البينة الجلية، وكتاب السرائر مشحون به، ورده لفتاوى الشيخ ظاهر معروف حتى انتصر الفاضلان للشيخ (رحمه الله) وأخذا في رده والذب عن الشيخ كما هو ظاهر من ملاحظة المعتبر والمنتهى وغيرهما.
ثم إن مخالفات الفاضلين ومن بعدهما للشيخ (رحمه الله) واستبدادهم في الاستدلال أمر واضح غني عن البيان. وكان الأصل في ما ذكره الجماعة هو ما حكاه الورام (قدس سره) عن الحمصي، والحكم باشتباهه في ذلك أولى من التزام ما ذكر، وكان الجماعة من تلامذة الشيخ (رحمه الله) وتلامذة تلامذته لغاية وثوقهم به في الفن ما كانوا يتجرون في الفتاوى على مخالفته في الغالب لا تقليدا له، بل كانوا يرجحون ما رجحه، ويعتمدون على احتجاجاته، ويرون أن ما اختاره أقوى من سائر الأقوال والاحتمالات، كما هو الحال لنا بالنسبة إلى بعض مشايخنا ممن نرى له قدما