ويمكن أن يقال: إن مقصوده القطع بإصابة المدرك المعتبر دون القطع بقول المعصوم، فيكون الفرق بينه وبين الاجماع المعروف في ذلك، وهذا أقرب من سابقه في حمل كلام الشهيد (رحمه الله).
إلا أن الدعوى المذكورة غير ظاهرة أيضا، بل الظاهر عدم حصول العلم المذكور في كثير من الشهرات، غاية الأمر حصول العلم بإصابة المدرك المعتبر في نظرهم.
نعم لو حصل العلم به على الوجه المذكور كان كافيا، وكان الأولى إلحاقه إذن بالمجمع عليه في كونه إجماعا، كما هو أحد الاحتمالين المذكورين في الذكرى وإن اختار خلافه.
وحينئذ فما ذكره المورد (قدس سره) من أن الحق حينئذ أنه إجماع - لأن الاجماع عندنا هو الاتفاق الكاشف عن قول المعصوم دون اتفاق الجميع - محل مناقشة، للفرق الظاهر بين الكشفين، وظاهر المصطلح تخصيص الاجماع بالكشف على الوجه الأول وإن لم يكن التعميم بعيدا عن الاعتبار. ولذا ذكرنا الوجه المذكور في وجوه الكشف الحاصل بالإجماع كما مر القول فيه، والظاهر أن مبنى كلام المورد على حمل الكشف على الوجه الأول حسب ما بيناه أولا. وحينئذ فما ذكره متجه إلا أن حمل كلام الشهيد (رحمه الله) عليه بعيد جدا كما عرفت.
فظهر بما قررنا أن هناك وجوها ثلاثة في حمل كلام الشهيد (رحمه الله) أقربها الوجه الأخير، ومعه يظهر الفرق بين تعليليه المذكورين وعلى ما حمله المجيب وغيره عليه لا يكون هناك كثير فرق بينهما كما لا يخفى.
قوله: * (ويضعف بنحو ما ذكرناه في الفتوى) * الظاهر أنه أراد بذلك تضعيف الدليلين المذكورين نظرا إلى أن العدالة والاشتهار بين الطائفة إنما يفيدان العلم أو قوة الظن بوجود مدرك معتبر في اجتهاد الحاكم، ولا يؤمن من الخطأ في المسائل الاجتهادية وإن توافقت فيها أراء الجماعة أو معظم الفرقة.
غاية الأمر حصول المظنة ولا أمن معه إلا مع قيام دليل على اعتبار ذلك الظن في الشريعة، ولا دليل عليه في المقام. وحينئذ فما قد يدعى من ظهور كلامه في