ومن هنا استشكل صاحب المدارك وبنوه (1) في حجية الخبر المنجبر بالشهرة لزعمه عدم حجية الشهرة أيضا، فمن أين يجئ الحجية بعد انضمام أحدهما بالآخر؟ لكنه بعد ملاحظة الطريقة الجارية بين العلماء قديما وحديثا مقطوع الفساد، كما سيجئ بيانه في بحث أخبار الآحاد إن شاء الله، ولولا البناء على ما ذكرناه من حجية الشهرة لكان ما ذكره متينا متجها، فلا محيص بعد ذلك عدا الاعتراف بعدم حجية الرواية المنجبرة بالشهرة، وهو يستلزم باختلال كثير من الأحكام الشرعية، وهذه من الثمرة العظمى في القول بحجية الشهرة كما هو واضح لمن تدبرها. فهذه الوجوه دالة على حجية الشهرة مطلقا وإذا ضم إليها قيام الشهرة على عدم حجية الشهرة المعراة عن المستند بالمرة ولو رواية ضعيفة قضى ذلك بخروج الشهرة المفروضة عن مقتضى دلالة الأدلة المذكورة، إما لقيام الشهرة على فرض حجيتها كما هو مقتضى الأدلة المذكورة حجة شرعية على عدم حجية ذلك النوع من الشهرة وهي أجلى منها، فيؤخذ بمقتضاها، أو لأنها لو كانت حجة مطلقا لما كانت حجة كذلك، نظرا إلى حصول الشهرة المذكورة على نحو ما مر بيانه على أن الوجه الأخير لا يفيد إلا حجية الشهرة المنضمة إلى المستند، ولو كان خبرا ضعيفا دون الشهرة المجردة، إذ لا عمل عليها في المشهور.
فظهر بما قررنا أدلة القولين المذكورين والكل ضعيف.
أما الأول: فبما مر بيانه في كلام المصنف ويأتي تتمة الكلام فيه أيضا إن شاء الله.
وأما الثاني: فبما عرفت تفصيله من عدم صحة ما ادعوه من أصالة حجية الظن وعدم نهوض ما استنهضوه من الأدلة عليها.
وأما الثالث: فبأن ما ذكر من دعوى الأولوية في المقام أوهن شئ. ودعوى كونها مندرجة في الدلالة اللفظية بناء على كشف الاتفاق المذكور عن لفظ دال على الحكم فيكون من مفهوم الموافقة مقطوع الفساد كما يشهد به صريح العرف