ما هو طريقته حسب ما أشرنا إليه، ويدل عليه أيضا أنهم لم يعتدوا بها في الكتب الأصولية ولا ذكروها في عداد الحجج الشرعية كما عدوا الاجماع وغيره من الحجج الوفاقية والخلافية، مع أنه أولى بذلك لكثرة حصولها وسهولة تحصيلها.
فتحصل من جميع ما ذكرنا اتفاقهم من قديم الزمان إلى الآن على المنع من العمل بها والتعويل عليها والرجوع إليها، فصار ذلك إجماعا من الكل.
وقد عرفت أن الاجماع من أقوى الحجج الشرعية نعم في المطالب التي يتسامح في أدلتها من السنن والآداب لا مانع من الرجوع إليها والأخذ بها، بل ربما يؤخذ فيها بفتوى الفقيه الواحد أيضا حسب ما فصل في محله.
ثالثها: أنها لو كانت حجة لم تكن حجة، لوضوح قيام الشهرة على عدم حجية الشهرة، وما يلزم من وجوده عدمه فهو باطل.
وبتقرير آخر: أنه إما أن يقال بعدم حجية الشهرة مطلقا، أو بحجيتها كذلك، أو بحجيتها في بعض المقامات دون البعض، والأول هو المدعى، والثاني باطل لما فيه من التناقض، نظرا إلى قيام الشهرة على عدم حجية الشهرة، فلو اخذ بمقتضى الشهرة المتعلقة بالمسائل الفرعية لزم ترك الشهرة المتعلقة بعدم حجية الشهرة مع أنها من أقوى الشهرات، والثالث ترجيح من غير مرجح، إذ لا مرجح بينها حتى يقال بحجية بعض الشهرات دون بعضها من دون قيام معارض يقاومها أو يترجح عليها.
أو يرد عليه: أولا: منع قيام الشهرة على عدم حجية الشهرة مطلقا وإنما المسلم شهرة القول بعدم حجية الشهرة إذا خلا عن المستند، ولو كان ضعيفا كرواية ضعيفة ونحوها.
وأما إذا كان مستندا إلى دليل ولو كان رواية ضعيفة فحصول الشهرة بعدم حجيتها غير واضح، بل المشهور عندهم خلافه، حيث إنهم يعتمدون على الشهرة المقترنة بالرواية الضعيفة ويحكمون بمقتضاها، فأقصى الأمر حينئذ عدم حجية الشهرة المجردة الخالية عن المستند لا مطلقا.