بقي الكلام في أن البناء على الوجه المذكور هل يشتمل على تجوز في المقام أو لا؟ والذي يتراءى فيه احتمال التجوز هنا أمور:
أحدها: خصوص المستثنى منه وقد عرفت أنه لا تجوز بالنسبة إليه حسب ما مر تفصيل القول فيه.
ثانيها: التجوز في الجملة حيث إن مفادها مع قطع النظر من الاستثناء هو الحكم على المستثنى منه بكماله ولم يرد منها ذلك.
ويدفعه: أنه لم يرد من الجملة المذكورة بعد ضم المفردات بعضها إلى البعض إلا ما هو مفادها بعد التركيب، فلا تجوز في المركب بما هو مركب، حيث إنه لم يرد به غير معناه الحاصل بالتركيب على نحو سائر المجازات المركبة.
ثالثها: التجوز فيما وضع لإفادة النسبة بناء على وضعه للإسناد إلى ما يستعمل فيه لفظ المنتسبين دون بعضه، كما هو المفروض في المقام، لحصول الإسناد هنا حقيقة بالنسبة إلى بعض مدلوله، حسب ما عرفت إلا أن القول بوضعه لخصوص ذلك محل تأمل، لإمكان القول بوضعه للأعم وإن كان المتبادر منه من جهة الإطلاق هو الإسناد إلى المجموع، فيكون الانصراف إليه لظهور الإطلاق لا من جهة وضعه له بالخصوص.
والحاصل أن احتمال التجوز فيه من الجهة المذكورة قائم في المقام نظرا إلى الاحتمالين المذكورين هذا.
وأورد على الوجه الثاني أيضا بوجوه:
أحدها: ما أشار إليه المحقق الرضي وذكره الحاجبي والعضدي وغيرهما من إجماع أهل اللغة على أن الاستثناء مخرج، ولا اخراج إلا بعد الدخول. ويمكن دفعه بأن المراد دخوله في الظاهر دون ما هو المقصود بحسب الواقع، فهو في المقام وإن لم يكن داخلا في المقصود من اللفظ، لكنه داخل فيما هو الظاهر منه، المحكوم بكونه المراد لولا تعلق الاستثناء به، وهو مخرج حقيقة عن ظاهر ما يدل عليه اللفظ، إلا أنه مخرج صورة من دون أن يكون هناك اخراج حقيقة، كما