الرأي فيما يقيد بخصوص بعض الأزمنة بناء على القول بوضعه لذلك، وعلى هذا يلزمه التزام التجوز في معظم النواهي الواردة، وسنبين لك ما هو الحق في المقام هذا. ولهم في المسألة قولان معروفان أشار المصنف (رحمه الله) إليهما.
أحدهما: اقتضاؤه للدوام ذهب إليه الآمدي والحاجبي والعضدي، واختار جماعة من علمائنا - منهم المصنف (رحمه الله)، والعلامة في النهاية، والسيد العميدي، وشيخنا البهائي، وتلميذه الفاضل الجواد، وغيرهم - وعزاه في النهاية والمنية والزبدة إلى الأكثر، وحكاه الشيخ عن أكثر المتكلمين والفقهاء ممن قال بأن الأمر يفيد المرة، ومن قال بأنه يفيد التكرار، وقال الآمدي في الإحكام اتفق العلماء على أن النهي عن الفعل يقتضي الانتهاء عنه دائما، وقال العضدي النهي يقتضي دوام ترك المنهي عنه عند المحققين اقتضاءا ظاهرا فيحمل عليه إلا إذا صرف عنه دليل.
ثانيهما: نفي دلالتها على ذلك، ذهب إليه جماعة من علمائنا: منهم السيد والشيخ والمحقق والعلامة في التهذيب، وعزاه الآمدي إلى بعض الشاذين، والعضدي إلى شذوذ، والسيد العميدي إلى الأقل.
وحينئذ فإما أن يكون موضوعا لمطلق طلب الترك الشامل للوجهين كما هو المصرح به في كلام بعض هؤلاء، أو يكون موضوعا لخصوص المرة، وحكاه في غاية المأمول حيث قال: إن القائلين بعدم الدوام منهم من ذهب إلى أنه للمرة فقط، ومنهم من يجعله مشتركا بينها وبين التكرار، بحيث يتوقف العلم بأحدهما على دليل من خارج كما في الأمر، فيكون الأقوال حينئذ ثلاثة، وربما يحكى هنا قول رابع: وهو وضعه لهما على سبيل الاشتراك اللفظي، وقد يعزى ذلك إلى السيدين، كما هو قضية مذهبهما من أصالة الاشتراك اللفظي فيما يستعمل في معنيين.
وخامس: وهو القول بالتوقف حكاه الشيخ في العدة عن بعض.
والحق عندنا وضع الصيغة لمجرد طلب ترك مطلق الطبيعة المعراة عن الوحدة والكثرة على حذو ما مر في الأمر، وقد تقدم الدليل عليه، وحينئذ نقول: إن النهي