ورود النفي على الوحدات المندرجة فيها وعلى المجموع فلا ينافي ثبوته لبعضه - ويجري ما ذكرناه في الواقع في سياق النهي، نحو " لا تشتر عبيدا " و " لا تأكل أرغفة " والحق أنها لا تفيد المنع عن شراء الواحد أو الاثنين - إلا أن يقوم قرينة في المقام على تسلط النفي على الوحدات.
ولو وقع الجمع المعرف في سياق النفي فالظاهر منه عموم السلب، كما في قولك " ما جاءني العلماء " و " ما أكرمت الفساق " و " ما أهنت العلماء " فإنه ظاهر في عدم مجئ أحد من العلماء إليه، وعدم إكرامه أحدا من الفساق، وعدم إهانته أحدا من العلماء.
فإن قلت: إن الجمع المعرف يفيد العموم، فالنفي الوارد عليه يكون سلبا للعموم، كما في قولك " ما جاءني كل عالم " فكيف يكون ظاهرا في عموم السلب.
قلت: إنما يتم ما ذكر لو كان مدخول النفي ما يدل على مفهوم الشمول كما في المثال، فيرجع النفي إليه ويكون سلبا للعموم، وليس من ذلك العموم في الجمع، حسب ما مر بيانه، بل الجمع المعرف إشارة إلى جميع الوحدات المندرجة فيه، ويكون الحكم متعلقا بجميع تلك الوحدات، فهو شامل لجميع الوحدات المندرجة من غير أن يكون مفهوم الشمول مأخوذا فيه، فيتعلق الحكم بكل من تلك الآحاد إيجابيا كان أو سلبيا، فيرجع في الإيجاب إلى موجبة كلية وفي السلب إلى سالبة كلية، فلو حلف أن لا يتزوج الثيبات حنث بتزويج ثيبة واحدة، هذا كله على المختار من كونه حقيقة في استغراق الآحاد. أما لو قلنا بدلالته على استغراق المجموع لم يحنث بتزويج واحدة أو اثنتين. وكذا الحال إذا وقع الجمع المعرف في سياق النهي من غير فرق. هذا إذا أريد بالجمع المعرف ما هو الظاهر منه أعني الاستغراق. وأما إذا أريد به الجنس ففيه وجهان: من إرادة الجنس المطلق فيفيد عموم النفي والنهي بالنسبة إلى الآحاد، ومن إرادة جنس الجمع فلا يفيد إلا عمومه بالنسبة إلى المجموع فلا يفيد نفي الحكم عن الواحد والاثنين، وكذا النهي عنه وقد مر الكلام فيه حينئذ، ولا فرق في ذلك بين وروده في سياق الإيجاب أو السلب.
ولو وقع في سياق الشرط تعلق الجزاء بحصول الجميع، فلا يثبت إلا مع حصول