الكل كما إذا قال: إن جاءك العلماء فأكرم زيدا. هذا إذا لم يكن حكم الجزاء متعلقا بهم، وأما إذا كان متعلقا بهم فهو ظاهر في إفادة إناطة الحكم في كل منها بحصول الشرط المذكور بالنسبة إليه، كما إذا قال: إن جاءك العلماء فأكرمهم. ويحتمل أن يكون المقصود إناطة إكرام الكل على مجئ الكل، إلا أنه خلاف ظاهر الإطلاق حسب ما هو المفهوم منه في العرف.
ولو وقع الجمع المنكر في سياق الأمر أو الإيجاب ففي إفادته العموم خلاف، أشار إليه المصنف بقوله: أكثر العلماء على أن الجمع المنكر لا يفيد العموم، هذا هو المعروف من الأصوليين بل لا يبعد حصول الاتفاق عليه بعد الخلاف المذكور، إذ لم ينقل فيه خلاف بعد من نسب الخلاف إليه من القدماء، والظاهر أنه لا خلاف فيه أيضا من جهة وضعه لخصوص العموم، بل لا يبعد قضاء ضرورة اللغة بخلافه، وإنما الخلاف المذكور في انصرافه إلى العموم من جهة اقتضاء الحكمة به، كما عزي إلى الشيخ أو غيره مما عزى إلى أبي علي الجبائي، وهو أيضا خلاف ضعيف. ولا يبعد تنزيل كلام الشيخ على ما سنقرره إن شاء الله.
وكيف كان، فالمختار عدم انصرافه إلى العموم أيضا إلا في بعض مواضع نادرة تقضي الحكمة به بحسب المقام كما سنقرره، ويدل عليه أن المتبادر من الجمع المنكر في الاستعمالات بعد الرجوع إلى العرف ليس إلا الوحدات المتعددة ما فوق الاثنين كما هو المفهوم من الجمع، وليس مفاد التنوين فيه إلا التمكن، ولا دلالة فيه على الوحدة كما هو الحال في المفرد، ولا يفيد إطلاقه على عدد خاص ولا مرتبة مخصوصة من الجمع، فالمعنى المستفاد منه صادق على جميع مراتب الجمع من غير ترجيح لخصوص المرتبة العليا منه بوجه من الوجوه، والقدر المتيقن منه هو الأول، فلا دلالة في لفظه على خصوص المرتبة العليا ولا قرينة، فإنه يفيد إطلاقه عليها، وإلا لانساق ذلك منه إلى الفهم عند الإطلاق ومن المعلوم عدمه، ودعوى قضاء الحكمة به ممنوعة إلا في بعض موارد خاصة، ولا ربط له بمحل البحث في المسألة.
وتوضيح القول في ذلك أن الجمع المنكر إما أن يقع في مورد الأخبار،