وحينئذ فإما أن يتعلق به حكم من الأحكام كأكل [اللحوم] وأرباح متاجر ونحو ذلك، أو غيرها من سائر الأخبار كجاءني رجال، أو يقع متعلقا للأمر، أو يقع للشرط المتعلق عليه حكم من الأحكام الشرعية أو غيرها.
فها هنا صور:
أحدها: أن يقع متعلقا للأخبار سواء كان ركنا في الإسناد نحو " جاءني رجال " أو كان من متعلقات المخبر به ك " دفعت إليه دراهم " وحينئذ فالقدر المستفاد منه وقوع أقل الجمع، ولا دلالة فيه على ما يزيد على ذلك، إذ العام لا دلالة فيه على الخاص، وإنما أفاد الأقل لاشتراكه بين جميع المراتب، ولا دلالة فيه على تعيين المصداق على نحو ما ذكرناه في المفرد المنكر، إلا أن ذلك يفيد وحدة المخبر به، وهذا يفيد تعدده بما يزيد على الاثنين.
فالإبهام الحاصل في المفرد من جهة واحدة وهو عدم تعين الفرد الذي تعلق الإخبار به، وهنا من جهتين: أحدهما: دوران الجمع بين الثلاثة وما فوقها إلى أن يستغرق الجميع ليكون الجمع موضوعا لإفادة القدر المشترك بينها، فلا يتعين شئ من مراتبه، وحيث كان أقلها الثلاثة دل على حصوله قطعا، ويكون إطلاقه على ما يزيد عليها في مقام الاحتمال، وليس ذلك من جهة إجمال اللفظ ودورانه بين أمور، كما هو الحال في المشترك بين المعاني وإن كانت تلك المعاني متداخلة، فإن نفس المعنى غير متعين هناك، بل من جهة كون معناه صادقا على الجميع وحاصلا بكل منها فمعنى اللفظ ومفاده متعين في المقام أعني ما فوق الاثنين، إلا أن ذلك المعنى غير متعين الصدق على مرتبة معينة، بل يصدق على مراتب غير متناهية، فلا دلالة في اللفظ إلا على القدر المشترك من غير أن يدل على شئ من تلك. إلى هنا جف القلم (1).
* * *