التخيير، لكن يكون استغراقه بالنسبة إلى الأفراد الشائعة، إذ لا يزيد ذلك له على الإطلاق، وإنما يرجع الإطلاق إلى العموم بملاحظة ما ذكرناه. فيكون ذلك مدلولا التزاميا، ويكون عمومه على حسب ما ينصرف الإطلاق إليه من القدر الجامع بين الأفراد الشائعة حسب ما مرت الإشارة إليه.
فما ذكره الرازي من: أن النكرة إن وقعت في الخبر نحو " جاءني رجل " فلا تعم، وإن وقعت في الأمر ك " أعتق رقبة " عمت عند الأكثرين، بدليل الخروج عن العهدة بإعتاق ما شاء. فإن أراد به ما ذكرناه فلا كلام، وإن أراد عمومه على حسب اللغة فلا وجه له. وما احتج به عليه من الخروج عن العهدة بإعتاق ما شاء لا يدل عليه، وأقصى الأمر فيه ما ذكرناه، وفي معنى الأمر ما يفيد مفاده " ولو كان بصورة الإخبار، كما يجب في الظهار عتق رقبة، ولا حاجة في إرجاعه حينئذ إلى العموم إلى ضم أصالة البراءة عن اعتبار قيد زائد إلى ذلك ليكون الإطلاق والأصل المذكور معا قاضيين بالاجتزاء بأي فرد من ذلك، بل مجرد الإطلاق كاف في الدلالة عليه، حسب ما عرفت من التقرير المذكور كما هو الحال في سائر الإطلاقات.
والحاصل: أن مدلول اللفظ كاف في إفادة ذلك، وأصالة البراءة من الزائد أمر آخر، وأما أصالة عدم التقييد فهو عين مفاد الأخذ بظاهر الإطلاق وليس أمرا ينضم إليه الظاهر.
فما ذكره بعض الأفاضل - من أنه لو كانت مدخولة للأمر نحو " أعتق رقبة " فيفيد العموم على البدل لا الشمول، وهذا العموم مستفاد من انضمام أصالة البراءة عن اعتبار قيد زائد من الايمان وغيره، فالإطلاق مع أصل البراءة يقتضيان كفاية ما صدق عليه الرقبة أي فرد يكون منه - ليس على ما ينبغي.
ثم إن ما ذكرناه إنما يجري فيما إذا أريد بالنكرة النكرة المطلقة كما هو الظاهر منها، وأما إذا أريد بها المعينة في الواقع المبهمة عند المخاطب - كما في الآية الشريفة على حسب ظاهر فهم اليهود - فلا يرجع إلى العموم أصلا ويكون مجملا، إلا أنه خلاف الظاهر من إطلاق النكرة، فهي إما مجاز فيه أو انه خلاف ما ينصرف