فظهر بذلك ان تقسيم الأصوليين الاجماع إلى قطعي ثابت بالتواتر وظني ثابت بغيره بعيد عن السداد وكذا قول بعض المتكلمين أن للقطع بحدوث العالم حاصل من الاجماع المتواتر على حدوثه أقول وفرض تواتر الاجماع وإن كان قلما ينفك عن الضروري وفرضه بدونه نادر سيما مع كثرة الوسائط ولكن يمكن أن يقال في جواب الاشكال أما أولا فبمنع انحصار التواتر في المحسوسات بل يمكن به إثبات غيره أيضا فيمكن حصول العلم ب مسألة علمية بإجماع كثير من العقلاء الأزكياء سيما مع عدم قيام دليل على بطلان قولهم كما استدل بعضهم على إثبات الصانع ووحدته باتفاق الأنبياء والأوصياء عليهم السلام والعلماء قاطبة على ذلك فإن العقل يستحيل اجتماع أمثلا ذلك على الخطأ فكذلك فيما نحن فيه إذا نقل جماعة كثيرة يؤمن تواطئهم على الخطأ أقوال المجمعين مع دعواهم بمعرفتهم من حالهم إذعانهم بما قالوا وأنهم صادقون في ذلك فيمكن حصول العلم بصدقهم في نقل القول إصابتهم في إدراك مطابقة قولهم لرأيهم سيما مع ملاحظة تطابقهم في ذلك واعتراف كل منهم بأني مذعن بما قلت فثبت مما ذكرنا أنه يمكن حصول القطع بالاجماع بنقل هذه الجماعة الكثيرة والحاصل أن ذلك نظير ما يعلم به اتفاق كل العلماء إجمالا في أصل انعقاد الاجماع فإنه كما يمكن حصول العلم باتفاق الكل بسبب العلم برأي أكثرهم وعامتهم وإن كان ذلك بسبب انضمام القرائن فيمكن حصول العلم بتحقق الاجماع بدعوى جماعة كثيرة تحقق الاجماع وإن كان بسبب انضمام بعض القرائن فمراد القوم بالاجماع الثابت بالتواتر هو ذلك مع أنه يكفي ثبوت أقوالهم (فنفهم)؟ نحن تحقق الاجماع بسبب اجتماع أقوالهم فالتواتر إنما هو في ملزوم الاجماع لا في نفسه كما سنذكره في المتواتر بالمعنى وقال بعض الأفاضل في مقام الجواب أنه يمكن تحقق التواتر على طريقة العامة الذين يقولون بحجية الاجماع من حيث أنه إجماع واتفاق بأن يقال أن الرؤساء إذا اتفقوا على قول مثل أن الماء الكثير لا ينجس بالملاقاة لا بد من أن يكون كذلك في الواقع وليس علينا أن نبحث عن مطابقته لآرائهم لان قوله صلى الله عليه وآله لا تجتمع أمتي على الخطأ كما يدل على عدم اجتماعهم على الرأي الخطأ يدل على عدم اجتماعهم على القول الخطأ أيضا فلو اجتمعت على هذا القول الكاذب لزم كذبه صلى الله عليه وآله وهو محال فهذا القول المتفق عليه إن ثبت بالتواتر فقطعي وإلا فظني لظنية طريقه لا لظنية نفسه فهو كالمتن القطعي الثابت بالسند الظني قال الحاجبي في مقام الاستدلال دلالة الاجماع قطعية ودلالة الخبر ظنية وإذا وجب العمل مع نقل الخبر الظني فوجوبه مع نقل القطعي أولى وليس غرضه أن الاجماع المنقول بخبر الواحد يقيد القطع حتى يمنع هذا وهذا مثل أن يقول أحد ان العمل بالظاهر المحكي عن المعصوم عليه السلام
(٣٩١)