إذ الغالب وجود الدليل دال على ذلك القول عند التأمل وقال في المعالم بعدما نقل كلامه إلى قوله عدم الدليل وهذا الكلام عندي ضعيف لان العدالة إنما يؤمن معها تعمد الافتاء بغير ما يظن بالاجتهاد دليلا وليس الخطأ بمأمون على الظنون أقول وسيجئ منه رحمه الله في مباحث الاخبار استدلالا له بما يدل على كفاية الظن مطلقا إذا انسد باب العلم ولا ريب أن ما ذكر من الظنون القوية فلو لم يعارضه ما هو أقوى منه فلا يبعد الاعتماد عليه سيما إذا كان القائل به في غاية الكثرة إلا أن الفرض بعيد كما ذكره في الذكرى الرابع قال في الذكرى ألحق بعضهم المشهور بالمجمع عليه فإن أراد في الاجماع فهو ممنوع وإن أراد في الحجية فهو قريب لمثل ما قلناه يعني قوله لان عدالتهم تمنع من الاقتحام على الافتاء بغير علم إلى آخر ما ذكره ولقوة الظن في جانب الشهرة سواء كان اشتهارا في الرواية بأن يكثر تدوينها أو الفتوى أقول وقوله لقوة الظن يحتمل أن يكون المراد به بيان كون الظن الحاصل من جانب المشهور أقوى من الظن الحاصل من مخالفهم ولما كان المفروض في المسألة السابقة عدم العلم بالمخالف فلم يتعرض لذلك وما ذكره رحمه الله قوي ويؤيده قوله عليه السلام خذ بما اشتهر بين أصحابك واترك الشاذ النادر فإن المجمع عليه لا ريب فيه فإن ملاحظة الحكم والتعليل في الرواية يقتضي إرادة الشهرة من المجمع عليه أو الأعم منه والعلة المنصوصة حجة والتخصيص بالرواية خروج عن القول بحجية العلة المنصوصة كما لا يخفى وعلى القول بكون الأصل العمل بالظن بعد انسداد باب العلم إلا ما أخرجه الدليل يتقوى حجية الشهرة وإذا كان معها دليل ضعيف فأولى بالقبول سيما إذا كان الدليل الذي في طرف المخالف أقوى بل كلما كان الأدلة والاخبار في جانب المخالف أكثر وأصح يتقوى جانب الشهرة ويضعف الطرق الاخر ثم إن صاحب المعالم رحمه الله اعترض على الشهيد رحمه الله بمثل ما سبق وبأن الشهرة التي تحصل معها قوة الظن هي الحاصلة قبل زمن الشيخ رحمه الله لا الواقعة بعده قال وأكثر ما يوجد مشتهرا في كلام الأصحاب حدث بعد زمن الشيخ كما نبه عليه والذي في كتاب الرعاية الذي ألفه في دراية الحديث مبينا لوجهه وهو أن أكثر الفقهاء الذين نشأوا بعد زمن الشيخ كانوا يتبعونه في الفتوى تقليدا له لكثرة اعتقادهم فيه وحسن ظنهم به فلما جاء المتأخرون وجدوا أحكاما مشهورة قد عمل بها الشيخ ومتابعوه فحسبوها شهرة بين العلماء وما دروا أن مرجعها إلى الشيخ رحمه الله وإن الشهرة إنما حصلت بمتابعته ثم نقل من والده رحمه الله تأييدا لما ذكره من كلام بعض أصحابنا وأنت خبير بأن هذا الكلام في غاية البعد فإن توجيه كلام والده لا يمكن بمثل ما نقلناه عن الشهيد رحمه الله فيما لو يعرف خلاف للجماعة ولم يظهر مستندهم في الحكم فإن ذلك في المقام الذي لم يظهر مستند الحكم ولا بأس حينئذ بمتابعتهم لحصول الظن
(٣٧٤)