الامامية مخالف في الحكم ولم يبق احتمال ظاهر لوجود المخالف قلما ينفك عن حصول العلم بموافقة الإمام عليه السلام من جهة اتفاقهم ولا يحتاج إلى إثبات الموافقة من جهة الدليل الذي ذكره الشيخ رحمه الله ومع هذا كله فلا يخفى أن ما ذكره الشيخ أيضا لو لم يصر إجماعا فلا ريب أنه يفيد ظنا قويا قد يمكن الاعتماد عليه فليجعل الاجماعات المنقولة على قسمين وذلك لا يوجب نفي حجية الاجماع المنقول رأسا وهيهنا إشكال آخر أيضا وهو أن بعضهم يعتمد على الاجماع الظني بمعنى أنه يدعي الاجماع بمظنة حصوله وآخرون لا يعتمدون إلا على القطعي فكيف يجوز الاعتماد على مطلق الاجماعات المنقولة مع عدم العلم بأنها من قبيل الأول أو الثاني وفيه أيضا انا لو سلمنا أنهم يعتبرون ذلك فلا يخفى أنهم يتكلمون على ما هو مصطلحهم ومصطلحهم في كتبهم الأصولية والفقهية هو القسم الثاني فيحمل إطلاقها عليه وكل ما كان من قبيل الأول فيصرحون بما يدل على ظنيته مثل أنهم يقولون الظاهر أنه إجماعي أو لعله إجماعي وأمثال ذلك وأما قولهم أجمع العلماء على كذا أو اتفقوا أو أنه كذلك عند علمائنا ونحو ذلك فلا ريب أنها صريحة في دعوى العلم والتكلم بمثل هذه الألفاظ وإرادة الظن بالاجماع تدليس ينافي عدالتهم حاشاهم عن ذلك مع أنه لا يبعد القول بحجية الاجماع المظنون كالاجماع المنقول نظير الشهرة بالنسبة إلى الاجماع على ما وجهه الشهيد رحمه الله كما مر ولكن لابد من البيان لتفاوت المذاهب في الاحتجاج وتفاوت المذكورات في القوة والضعف ثم إن الاجماع المنقول مثل الخبر المنقول يجري فيه أقسامه وأحكامه من الرد والقبول والتعادل والترجيح فينقسم بالمنقول بخبر الواحد والمتواتر والصحيح والضعيف والمسند والمرسل وغيرها وكذلك اعتبار المرجحات (الخارجة) من علو الاسناد وكثرة الواسطة الأفقهية والأعدلية وغير ذلك من المرجحات والصحة والضعف يحصل بسبب عدالة الناقل وعدمها والاسناد والارسال يحصل باتصال السند إلى الناقل وعدمه وحذف بعض السلسلة وعدمه مثل أن الشيخ رحمه الله سمع عن شيخه المفيد رحمه الله أن المسألة إجماعية فقال هو أجمع الأصحاب من دون رواية عن شيخه فهذا موقوف أو روى ابن إدريس رحمه الله عن المفيد رحمه الله بواسطة الشيخ رحمه الله بحذف الواسطة وأما كونه بخبر الواحد أو متواترا فقد أورد المحقق البهائي رحمه الله سؤالا فيه على القوم بأنهم مطبقون على اشتراط الحس في التواتر وأنه لا يثبت بالتواتر إلا ما كان محسوسا والاجماع هو تطابق آراء رؤساء الدين على حكم والذي ينقل بالتواتر هو قولهم وقولهم بشئ لا يستلزم ادعائهم به في نفس الامر وإن قال كل منهم أما مذعن بذلك لاحتمال التقية أو الكذب من بعضهم نعم يفيد الظن بذلك لأصالة عدمهما وسيما الثاني لمصادمته للعدالة فظهر
(٣٩٠)