(حجة)؟ هو متفاهم المشافهين وتحصيل متفاهمهم يحتاج إلى استعمال ظنون شتى لا يمكن دعوى الاجماع على حجيته كل واحد واحد منها وبالجملة من تتبع الفقه وبلغ إلى حقيقته يعلم أن دعوى أنه لا يجوز العمل فيه إلا بظن ثبت حجيته من إجماع أو دليل آخر قاطع مجازفة فإذا لم يبق فرق بين الظنون فلا ريب أن الاجماع المنقول مما يفيد الظن بل ربما يفيد لنا ظنا أقوى من ظاهر الخبر بل الآية أيضا فالآيات والأخبار الدالة على عدم جواز العمل بالظن مخصوصة بصورة إمكان تحصيل العلم أو بأصول الدين فقط كما هو مورد أكثر الآيات نعم مثل القياس الذي أجمع الشيعة على بطلانه وصار حرمته من باب ضروريات المذهب فهو إنما خرج بالدليل فاقتضى الدليل جواز العمل بالظن إلا ما أخرجه الدليل ولذلك ذهبنا سابقا إلى تقوية حجية الشهرة والاجماعات الظنية ومن ذلك قاعدة الغلبة وإلحاق الظن بالأعم الأغلب وإن كان ذلك مما يستفاد بالاخبار أيضا كما أشرنا في أوائل الكتاب ثم إن الاشكال في الاجماعات المنقولة بسبب وجود المخالف وتعارضها حتى من مدعيها كما مر الإشارة إليه قد ظهر لك الجواب عنه ونقول هنا أيضا أن وجود المخالف غير مضر في تحقق الاجماع كما عرفت ووقوع الخطأ من المدعي أيضا في استنباطه أيضا لا ننكره وكم من هذا القبيل في أخبار الآحاد مع أنا نقول بحجيتها فكذلك التعارض والاختلاف فكما يمكن حصول الاختلاف في الاخبار من جهة الغفلة والنسيان وسوء الفهم والنقل بالمعنى وغير ذلك وهو لا يقدح في حجيته ماهية خبر الواحد فكذلك ما نحن فيه فإن مبنى الاطلاع على الاجماع غالبا على الحدس وهو مما يجري فيه الخطأ و الخطأ في القطعيات في غاية الكثرة ألا ترى أن بعض أرباب المعقول يدعي أن الجسم بعد الانفصال هو هو بالبديهة والآخر يدعي أنه غيره بالبديهة فتعارض الاجماعات ومخالفتها مبتن على ذلك ألا ترى أن السيد رحمه الله ادعى الاجماع على عدم حجية خبر الواحد وادعى الشيخ رحمه الله الاجماع على خلافه و وجهه أن السيد رحمه الله كان ناظرا إلى طريقة المتكلمين والناظرين إلى أصول العقائد وانضم إلى ذلك في (نظره)؟ قرائن أخرى وغفل عن طريقة أهل الحديث وحكم بكون عدم الجواز العمل به مطلقا إجماعيا و الشيخ رحمه الله إلى طريقة الفقهاء وأهل الحديث وغفل عن طريقة المتكلمين وحكم بكون جواز العمل به إجماعيا وكما أن سبب حصول الاختلاف من جانب الشارع ممكن في الاخبار كما صرحوا عليهم السلام به فكذلك فيما نحن فيه فربما انعقد إجماع على مستند صدر قطعا من الامام عليه الصلاة والسلام وانعقد إجماع آخر على مستند آخر بعينه صدر عنه عليه السلام قطعا هذا ليس بمستبعد ولا مستنكر ووجه صدور المتخالفة من الاحكام عنهم عليهم السلام ظاهر من جهة التقية وغيرها فلا مانع من رجوع المدعي
(٣٨٨)