من هذا الباب كتشريع العدة مطلقا وإن كان العلة فيها عدم اختلاط الأنساب فلعل صورة العبادة تكفي في صحة قصد التقرب ما لم يثبت له مبطل من الخارج وإن لم يكن مما يحصل له ثواب في الخارج فحينئذ فإن ورد في أمثال هذه العبادات المكروهة معارض فلا بد من طرحها كما ورد في بعض الاخبار الضعيفة أن الإمام عليه السلام صام في السفر في شعبان مع أنه ليس بصريح في كونه مندوبا بل ربما كان منذورا بقيد السفر أو غير ذلك من الاحتمالات فاما لا بد من نفي الكراهة فيما لا بدل له أو من القول برجحان تركه مطلقا والأظهر في صوم السفر الكراهة وفي التطوع في الأوقات المكروهة العدم ففيما يثبت الكراهة فالكلام فيه ما مر وفيما لم يثبت فلا إشكال الثالث أن المراد بكراهة العبادات مرجوحيتها بالنسبة إلى غيرها من الافراد وسماه بعضهم بخلاف الأولى فرجحانها ذاتية والمرجوحية إضافية ولا منافاة بينهما كالقصر في المواطن الأربعة فهو مرجوح بالنسبة إلى التمام مع كونه أحد فردي الواجب المخير وكما أنه يجتمع الوجوب النفسي مع الاستحباب للغير كاستحباب غسل الجنابة للصلاة المندوبة على القول بوجوبه لنفسه وكذلك الوجوب الغيري مع الاستحباب النفسي على القول الآخر فكذا يجتمع الرجحان الذاتي مع الكراهة للغير كصلاة الصائم مع انتظار الرفقة والمكروهات للغير كثيرة مثل الاتزار فوق القميص للصلاة ومصاحبة الحديد البارز لها ونحوهما وفيه أن المراد بالمرجوحية الإضافية إن كانت مع حصول منقصة في ذاتها أيضا يستحق الترك بالنسبة إلى ذاتها أيضا فيعود المحذور وإلا فيصير معناه كون الغير أفضل منه وأرجح وحينئذ فنقول ذلك الغير ربما يكون مما يوازي أصل الطبيعة في الثواب فيصير ما نحن فيه مرجوحا بالنسبة إلى أصل الطبيعة أيضا فيحصل بذلك لهذا الفرد أيضا منقصة ذاتية لا يقال ان هذه المنقصة إنما هي من جهة الخصوصية لا من جهة أصل العبادة لان ذلك خلاف أصل المجيب فإن مبناه عدم اعتبار تعدد الجهة ثم إن الكلام لا يتم في غير هذه الصورة أيضا أعني ما كان مرجوحا بالنسبة إلى سائر الافراد التي لها مزية على أصل الطبيعة ولا يجدي ما ذكره المجيب إذ نقول حينئذ بعد تسليم كونه راجحا بالذات ومرجوحا بالنسبة إلى الغير فإما أن يكون فعل ذلك مطلوبا أو تركه أو كلاهما إلى آخر ما ذكرنا في رد الجواب الثاني فإن قلت مطلوب فعله لذاته ومطلوب تركه من جهة أنه مفوت للمصلحة الزايدة الحاصلة في الغير فقد كررت على ما فررت عنه فإن المطلوب شئ واحد ولا يعتبر عندك تعدد الجهة فإن قلت لما جاز الفعل والترك معا فلا يلزم التكليف بالمحال قلت انا نتكلم فيما لو أراد الفعل واختار الفرد المرجوح وجواز الفعل والترك لا يجوز اجتماع
(١٤٦)