أراد مطلق التعدد فلا ريب أنهما متعددان ولم ينتف إحدى الحقيقتين في الخارج بسبب اتحاد الفرد و لم يصيرا شيئا ثالثا أيضا بل هما متغايران في الحقيقة متحدان في نظر الحس في الخارج وذلك كاف في اختلاف المورد وقد عرفت ورودها في الشرع في غاية الكثرة فإن الجنب الذي يغتسل يوم الجمعة غسلا واحدا عن الجنابة والجمعة يجوز ترك هذا الغسل له من حيث أنه جمعة ولا يجوز تركه من حيث أنه جنابة ولا تعدد في الخارج في نظر الحس مطلقا وكذلك المكروهات وغيرها مما مر قوله وأيضا كيف يجوزاه قد عرفت أن الشارع لا يقول له لا تركع ولا أركع هذا أو غيره بل يقول لا تغصب ويقول اركع ولا يقول اركع هذا الركوع لما مر أن التخيير اللازم باعتبار وجوب المقدمة إنما هو بالنسبة إلى الافراد المباحة نعم ذلك مسقط عن المباح كما أشرنا والتكليف الباقي في حال الفعل على تسليم تعلقه حال الفعل إنما هو بإتمام مطلق المكلف به لا مع اعتبار الخصوصية وبشرطها فلا يرد أنه يستلزم مطلوبية الفرد الخاص فإن قلت أن الحكيم العالم بعواقب الأمور المحيط بجميع أفراد المأمور به كيف يخفى عليه هذا الفرد فإذا كان عالما به فمقتضى الحكمة أنه لا يريده فلا يكون من أفراد المأمور به فيكون باطلا قلت لعل هذا البحث استدراك من أجل ما ذكرنا من كون دلالة الواجب على مقدماته تبعيا ومن باب الإشارة وأن محاورات الشارع على طبق محاورات العرف والمعتبر في الدلالة هو المقصود من اللفظ وهو استدراك حسن لكنا نجيب عنه بأن المأمور به إيجاد الطبيعة لا الفرد ولا نقول نحن أن هذا الفرد مما أمر به الشارع وإيجاد الطبيعة لا يستلزم خصوصية هذا الفرد فإن قلت نعم لكن لما رخص الشارع في إيجاد الطبيعة مطلقا وأمرنا بإيجادها في ضمن الافراد من باب المقدمة فلا بد أن يكون إيجادها في ضمن هذا الفرد مستثنى من الايجادات قلت كاشفا للحجاب عن وجه المطلوب و رافعا للنقاب عن السر المحجوب أنه لا استحالة في أن يقول الحكيم هذه الطبيعة مطلوبي ولا أرضى يإيجادها في ضمن هذا الفرد أيضا ولكن لو عصيتني وأوجدتها فيه لعاقبتك لما خالفتني في كيفية الايجاد لا لأنك لم توجد مطلوبي لان ذلك الامر المنهي عنه شئ خارج عن العبادة فهذا معنى مطلوبية الطبيعة الحاصلة في ضمن هذا الفرد لا أنها مطلوبة مع كونها في ضمن الفرد فقد أسفر الصبح وارتفع الظلام فإلى كم قلت وقلت ومن ذلك يظهر الجواب عن الاشكال في نية التقرب لان قصد التقرب إنما هو في الاتيان بالطبيعة لا بشرط الحاصلة في ضمن هذا الفرد لا بإتيانه في ضمن هذا الفرد الخاص المنهي عنه ثم أن هيهنا تنبيهين الأول أن مقتضى عدم جواز اجتماع الأمر والنهي في شئ واحد عدم إمكان كون الشئ الواحد مطلوبا ومبغوضا وأما اقتضاء ذلك
(١٥٠)