ولا يرد من ذلك قبح على الآمر لتغائر متعلق المتضادين فلا يلزم التكليف بالمتضادين ولا كون الشئ الواحد محبوبا ومبغوضا من جهة واحدة فإن قلت الكلي لا وجود له إلا بالفرد فالمراد بالتكليف بالكلي وهو إيجاد الفرد وإن كان متعلقا بالكلي على الظاهر وما لا يمكن وجوده في الخارج يقبح التكليف بإيجاده في الخارج قلت إن أردت عدم إمكان الوجود في الخارج بشرط لا فهو مسلم ولا كلام لنا فيه و إن أردت استحالة وجوده لا بشرط فهو باطل جزما لان وجود الكلي لا بشرط لا ينافي وجوده مع ألف شرط فإذا تمكن من إتيانه في ضمن فرد فقد تمكن من إتيانه لا بشرط غاية الامر توقف حصوله في الخارج على وجود الفرد والممكن بالواسطة لا يخرج عن الامكان وإن كان ممتنعا بدون الواسطة وهذا كلام سار في جميع الواجبات بالنسبة إلى المقدمات فالفرد هنا مقدمة لتحقق الكلي في الخارج فلا غائلة في التكليف به مع التمكن عن المقدمات فإن قلت سلمنا ذلك لكن نقول إن الامر بالمقدمة اللازم من الامر بالكلي على ما بنيت عليه الامر يكفينا فإن الامر بالصلاة أمر بالكون والامر بالكون أمر بهذا الكون الخاص الذي هو مقدمة الكون الذي هو جزء الصلاة فهذا الكون الخاص مأمور به وهو بعينه منهي عنه لأنه فرد من الغصب والنهي عن الطبيعة يستلزم النهي عن جميع افراده ولو كان ذلك أيضا من باب مقدمة الامتثال بمقتضى النهي فإن مقدمة الحرام حرام أيضا فعاد المحذور وهو اجتماع الامر و النهي في شئ واحد شخصي قلت نمنع أولا وجوب المقدمة ثم نسلم وجوبه التبعي الذي بيناه في موضعه ولكن غاية الامر حينئذ توقف الصلاة على فرد ما من الكون لا الكون الخاص الجزئي وإنما اختار المكلف مطلق الكون في ضمن هذا الشخص المحرم فإن قلت نعم لكن ما ذكرت من كون الامر بالكلي مقتضيا للامر بالفرد يقتضي كون كل واحد مما يصدق عليه فرد ما مأمورا به من باب المقدمة أيضا والامر وإن لم يتعين تعلقه بالكون الخاص عينا لكنه تعلق به تخييرا فعاد المحذور لان الوجوب التخييري أيضا بقبح اجتماعه مع الحرام قلت أما أولا فهذا ليس بواجب تخييري كما حققنا لك في مبحث الواجب التخييري و إلا لم يبق فرق بين الواجبات العينية والتخييرية وحاصله أن التخيير في أفراد الواجب العيني بحكم العقل ووجوب الافراد فيه تابع لوجوب الكلي والامر في التخييري بالعكس فوجوب الافراد في العيني توصلي ولا مانع من اجتماعه مع الحرام كما يعترف به الخصم وثانيا إنا نمنع التخيير بين كل ما يصدق عليه الفرد بل نقول إذا أمر الشارع بالكلي فإن انحصر في فرد أو انحصر الفرد المباح في فرد فيصير الفرد والشخص أيضا عينيا كأصل الكلي وإلا فإن كان الكل مباحا فالتخيير بين الجميع وإلا ففي الافراد المباحة فليس ذلك الفرد الغير المباح مطلوبا ولكنه لا يلزم منه بطلان الطبيعة الحاصلة في ضمنه لان الحرام قد يصير
(١٤١)