الموجود عن أصل العبادة فمع هذه المنقصة إما أن يطلب فعلها بدون تركها أو تركها بدون فعلها أو كلاهما فعلى الأول يلزم عدم الكراهة وعلى الثاني عدم الوجوب وعلى الثالث يلزم المحذور وان قلت أن المراد بالنهي ليس هو الطلب الحقيقي بل هو كناية عن بيان حال الفعل بأنه أقل ثوابا عن غيره فلا طلب حتى يلزم اجتماع الأمر والنهي قلت مع أن هذا تعسف بحت لا يجدي بالنسبة إلى نفس الامر فنقول مع قطع النظر عن دلالة هذا النهي على طلب الترك فهل هذا الفعل في نفس الامر مطلوب الفعل أو مطلوب الترك أو مجتمعهما إلى آخر ما ذكرنا على أنا نقول ترك الفرد لكونه أقل ثوابا واختيار ما هو أعلى منه إنما يصح فيما له بدل من العبادات وأما في ما لا بدل له كالتطوع في الأوقات المكروهة على القول بها والتطوع بالصيام في السفر أو الأيام المكروهة فلا يصح ما ذكرت بوجه لان كل آن يسع لصلاة ركعتين يستحب فيه ركعتان وكذلك كل يوم من الأيام يستحب فيه الصيام وما يقال لان الاحكام واردة على طبق المعتاد وعادة أغلب الناس بل كاد أن يكون كلهم عدم استغراق أوقاتهم بالنوافل فإن كان المراد منه أنه لم يكلف في هذا الوقت الذي يصلي فيه بدلا عن الصلاة المكروهة بنافلة وهذا الذي يوقعها فيه هو الصلاة التي كانت وظيفة الوقت المرجوح فهذا ليس بأولى من أن يقال أن هذا هو الصلاة التي هي وظيفة هذا الوقت ولم يكلف في الوقت المكروه بصلاة وإن كان المراد أنه لما علم الشارع أنه لا يستغرق أوقاته بالنوافل فقال له لا تصل وظيفة هذا الوقت المكروه وصل وظيفة الوقت الاخر فهذا اعتراف منك بأن الراجح ترك الصلاة المكروهة من دون بدل مع أن هذا الكلام في مثل صوم يوم الغدير وأول رجب وأيام البيض والأيام المخصوصة من شعبان وغيرها كما ترى فإن صوم مثل الغدير الذي يتفق مرة في عرض السنة ليس مما يخالف العادة ويترقبه المؤمنون بل يتبرك به الفساق ومع ذلك ينهى عنه الشارع في السفر ولا يريد منه بدله الذي لا وجود له أصلا بل لا معنى له مطلقا كما عرفت فإن قلت فما تقولون أنتم في العبادات المكروهة فهل يترجح فعلها على تركها أو بالعكس قلت المناهي التي وردت عن العبادات تنزيها كلها إنما تعلقت بها باعتبار وصفها وليس فيها ما تعلقت بذاتها وإن فرضت تعلقها بذاتها مثل أن تقول ان قرائة القرآن مكروهة للحائض على التقريب الذي سنبينه في جعل صلاة الحائض من جملة ما نهي عنه لذاتها فلا إشكال عندنا في رجحان تركها ومرجوحية فعلها ولا حاجة فيه إلى تكلف أصلا وإما لم نحكم صريحا بكونها كالصلاة لاحتمال أن يقال أن المنهي عنه هو قرائة ما زاد على سبع أو سبعين فيرجع إلى النهي باعتبار الوصف أيضا والحاصل أن المفروض إن كان المتعلق بالذات فقد عرفت وإلا فلنا أن نقول برجحان الفعل على الترك وبالمرجوحية ولا إشكال في أحد
(١٤٤)