قيل لهم أول ما في هذا ان الشبهة توجب أن لا يكون في الكلام مجاز أصلا لأنه يق ان اللفظ وما دل على انه مجاز كلاهما حقيقة فيما أريد به وهذا إذا صح البطلان ثم ان هذه الأمثلة انما يمكن أن تكون شبهة لمن قال إذا خص بدليل لفظي متصل لا يصير مجازا فاما إذا خص بدليل غير مقترن باللفظ أو بدليل منفصل وان كان لفظيا فلا يكون ذلك نظيرا لهذه الأمثلة ونحن نجيب عن جميع ذلك ونفصل بينه وبين العموم واما ما ذكروه من الخبر إذا انضاف إلى المبتداء فإنما كان كذلك لان المبتداء بانفراده لا يفيد شيئا بل احتاج في الفايدة إلى الخبر الذي تكمل الفائدة به وجرى ذلك مجرى بعض الاسم في انه لا يفيد حتى يتكامل جميع حروفه ولا يق ان انضمام بعض الحروف إلى بعض لتكامل الفائدة مجاز وقيل تكاملها يكون حقيقة لان ذلك كله فاسد لان الفائدة انما يتم عند اخر حرف منها فكذلك القول في المبتداء والخبر وليس كذلك القول في العموم لان لفظ العموم مستقل بنفسه ويفيد فائدته الذي وضع له ولا يحتاج إلى امر اخر وانما دخل عليه ما اقتضى استعماله في غير ما وضع له ينبغي ان يحكم بكونه مجازا فاما الحروف الداخلة على الجمل فإنما تحدث فيها معنى من المعاني فتغير معناها ان كانت خبرية ودخل عليها حرف الاستفهام احدث فيها معنى الاستخبار وكذلك لفظ المتمنى وحروف الشرط وغيره لم يغير هذه الحروف احكام الجملة من الزيادة إلى نقصان أو نقل إلى غير ما وضع له فلا ينبغي أن يكون مجازا وليس كذلك ألفاظ العموم لأنها بعد التخصيص لا يفيد ما كانت تفيده قبل التخصيص فينبغي ان يكون مجازا على ان هذا يوجب الا يكون قول القائل رأيت سبعا ثم قال عقيب ذلك انى أردت رجلا شجاعا أو قال رأيت حمارا أو حائطا ثم قال أردت بليدا مجازا لأنه قد وصل بالكلام لفظا دل به على مراده وجرى ذلك مجرى الحروف الداخلة على الجمل حسب ما سئلنا (ما استثنا خ ل) في العموم سواء وهذا لا تقوله أحد وإذا لم يلزم ذلك فكذلك ما يلزم في العموم إذا خص بدليل متصل به أو منفصل إذا كان لفظيا فان تعاطوا الفرق بين ذلك فكل شئ أوردوه في ذلك أمكننا ان نورد أمثلة فيما سئلنا عنه فاما ما به يصير العام خاصا فهو قصد المخاطب لان اللفظ إذا كان موضوعا للاستغراق فإذا أراد استعماله فيها وضع له يحتاج أن يقصد إلى ذلك وكذلك إذا أراد أن يستعمله في بعض ما وضع له يحتاج أن يقصد إلى ذلك وجرى ذلك مجرى اللفظ
(١٢١)