ذمته لا تبرأ وتجب عليه قضاؤها ومن خالف في ذلك يقول لا يعلم بمخالفته الامر وارتكابه النهى ان ذمته غير برية بل لا يمتنع ان تبرأ ذمته بفعل القبيح كما تبرأ بفعل ما هو حسن والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه ان كون الشئ مأمورا به يقتضى كونه حسنا ومصلحة للمكلف وكونه منهيا عنه يدل على انه مفسدة له ومحال ان يكون ما هو مفسدة يقوم مقام ما هو مصلحة لان ذلك متضاد فان قالوا لكان يمتنع ان يقول الله تعالى أو النبي صلى الله عليه وآله لا تفعل كيت وكيت ولكن ان فعلته قام لك ذلك مقام المصلحة قيل له الذي فرضته غير ممتنع لكن ثبوت ذلك يحتاج إلى دليل وانط (وانطلاقا) من النهى ان المأمور به لم يحصل متى ارتكبه وإذا لم يحصل فلم يحصل براءة الذمة فان قالوا وكذلك وجوب القضاء عليه يحتاج إلى دليل قيل له إذا فعل المأمور به على الوجه المنهى عنه يدل على ان ما امر به لم يفعله وإذا ثبت انه لم يفعل ما امر به فلا خلاف بين الأمة انه يجب عليه قضاؤه لأنه لا فرق بين ان لا يصلى في انه يجب عليه القضاء وبين ان يصلى بغير طهارة في انه أيضا يجب عليه القضاء في الحالين معا فان قالوا الطهارة شرط في صحة الصلاة وكل موضع ثبت ان المنهى عنه شرط في صحة العبادة فإنه يدل على انها غير مجزية وانما الخلاف فيما ليس بشرط في صحة العبادة هل يكونا مجزيا أم لا قيل له فعلى هذا ينبغي ان تسقط الخلاف فإنه متى فرضنا ان النهى لا يتعلق بشئ يتعلق بالعبادة ولا بشئ من شرائطها فانا لا نحكم بفساد العبادة لان على هذا التقدير يكون قد أدى العبادة على الوجه الذي امر بها والنهى انما يتعلق بشئ اخر منفصل عنها فلا تعلق بينه وبينها على حال فان قيل لو كان الامر على ما ذكرتم لما قام دليل على ان كثير من الأشياء المنهى عنها قام مقام الواجب الحسن مثل الوضوء بالماء المغصوب والصلاة في الدار المغصوبة والطلاق البدعي و الوطي في الحيض والذبح في السكين المغصوبة وغير ذلك من الأشياء التي تقرر في الشرع كونها مجزية قيل له الذي يذهب إليه ان جميع ذلك غير مجز ولا محكوم بصحته فان دل دليل على ان بعضه مجز وقام مقام الصحيح صرفا إليه بدليل ونحن نبين جميع ذلك فضل بيان اما الوضوء بالماء المغصوب فلا يصح لان الوضوء لا يصح عندنا الا بنية القربة
(٩٩)