له أولا يكون كذلك فان كان مصلحة له فيجب إقداره عليه والا يمنع منه وان لم يكن مصلحة له فلا يحسن ان يوجب عليه ما هو لطف للغير فلأجل ذلك قلنا ان النبي صلى الله عليه وآله لابد ان يكون له في تحمله أعباء الرسالة لطف ولولا ذلك لما وجب عليه الأداء فكذلك القول ههنا ولابد ان يكون القديم تعالى عالما بان المكلف يفعل ما امر به ولا يعصيه فيه أو يكون في ذلك لطف للغير ان علم انه يعصى على ما نقول له في قبح تكليف من علم الله انه يكفر إذا لم يكن فيه لطف للغير ومن خالف في ذلك لم يشترط هذا الشرط وفى الناس من شرط في حسن امر الله تعالى ان لا ينهى عنه في المستقبل ومنهم من لا يشترط ذلك ونحن نبين الصحيح في ذلك في باب الناسخ والمنسوخ ان شاء الله تعالى واما الصفات التي يجب كون المأمور عليها نهى ان يكون متمكنا من ايقاع الفعل على الوجه الذي امر به فان كفى في ذلك مجرد القدرة اقتصر على فعله فيه قبل الفعل بحالة واحدة أو قبل ذلك بأحوال وان كان الفعل يحتاج إلى العلم فلابد من حصوله في حال وقوع الفعل فان كان العلم من فعله ممن قبل ذلك من سببه بأوقات يمكنه تحصيل العلم فيها في حال الفعل (العمل خ ل) وان كان يحتاج إلى نصب الأدلة نصبت له لينظر فيها فيعلم ما كلف وان كان محتاجا إلى آلة مكن منها فان كانت محلا للفعل مثل اللوح في الكتابة والسكين في القطع وغير ذلك أو ما يكون في حكم المحل مكن منها في حال الفعل وان كانت الآلة مما يحتاج إلى تقدمها مكن منها قبل الفعل مثل القوس في الرمي وان كان الفعل يحتاج إلى الآلة في حال الفعل وقبله مكن منها في الحالين على ما قلناه في السكين في القطع وغير ذلك وان كان الفعل يحتاج في ايقاعه على وجه إلى الإرادة مكن فيها ولا يصح منعه منها عند من قال بالإرادة وما يحتاج إلى النظر والسبب فلابد من تمكينه منهما ومن شرائطه أيضا اللازمة الا يكون ملجأ إلى ما امر به هذه صفته لا يحسن الا ترى انه لا يحسن ان يكلف الانسان ان لا يقتل نفسه لأنه ملجأ إلى ذلك وكلف الواقف بين يدي السبع لا يحسن ان يكلف العدو فاما من قال لا يحسن ان يكلف الانسان قتل نفسه لأنه ملجأ إلى ذلك فغلط لان الالجاء انما هو إلى ان يقتلها فاما إلى قتلها فليس بحاصل وعلى هذا يحسن ان يكلف قتل نفسه ولهذا اخبر الله تعالى عن قوم فيما مضى انه كلفهم قتل نفوسهم بقوله
(٩٤)