استعمل في ذلك بقرينة من شاهد الحال وغيرهما فلا يمكن ادعاء الحقيقة في ذلك فإذا ثبت ذلك فإنما قلنا انه يقتضى الفور دون التراخي لمثل ما دللنا عليه من ان الامر يقتضى الفور فالأدلة فيها سواء وأيضا فلو لم يقتضى ذلك في الثاني لوجب ان يقترن به البيان فمتى لم يقترن به البيان دل على انه قبيح في الثاني فاما النواهي الواردة في القران والسنة وانها يقتضى التأبيد فإنما علمنا ذلك بدليل من اجماع وغيره فلا يمكن الاعتماد على ذلك كما ان مثل ذلك علم ان الأوامر على التكرار عند الأكثر فاما النهى القيد بوقت فلا خلاف بين المحصلين انه لا يقتضى وجوب الانتهاء في غير ذلك الوقت وانما يعلم ذلك بدليل مثل ما قلنا في الامر المقيد فاما النهى عن الشئ فليس بأمر ضده لا لفظا ولا معنى لمثل ما قلناه في الامر سواء وانما يدل على ان ما عدا المنهى عنه من أضداده مخالفا له إذا كان صادرا من حكيم لأنه إذا كان دلالة على القبح فما عدا ذلك الشئ لو كان قبيحا مثله لوجب ان ينهى عنه أيضا كما نهى عن ذلك فلما لم ينه عن جميع اضداد ولا عن بعضها دل على انه مخالفا له وقد تكون مخالفة له بان تكون واجبة وندبا ومباحا فلا يمكننا ان نقول ان ذلك امر بضده لان الامر يقتضى الايجاب على ما بيناه اللهم الا نقول انه لو كان في أضداده ما هو واجب أو ندب لوجب بيانه فلما لم يبين دل على انها مباحة فان ذلك يمكن الاعتماد عليه هذا إذا كان له اضداد كثيرة ويمكن الانفكاك من جميعها فاما إذا لم يمكنه الانفكاك من جميعها ولابد من ان يكون فاعلا لواحد منها فإنه لا يكون أيضا واجبا عليه لأنه انما يجب الشئ إذا كان مما يصح ان يفعل والا يفعل فاما ما ينفك عنه فلا يصح وصفه بالوجوب ولاجل هذا قلنا أيضا إذا لم يكن للمنهي عنه الا ضد واحد ولا يمكنه الانفكاك منه (لا) لما يوصف بأنه واجب عليه من حيث لا يصح الا يفعل وما هذا حكمه لا يصح ان يجب عليه فان كان له ضد واحد ويصح انفكاكه منهما جميعا فمتى لم يجب عليه ذلك الشئ أو يندب إليه يجب ان يكون مباحا كما قلناه في الأضداد الكثيرة سواء فاما النهى إذا تناول أشياء فلا يخلوا من ان يكون متضادة أو مختلفة فان كانت متضادة فلا يخلوا من ان يصح انفكاكه من جميعها إلى امر اخر ولا يصح ذلك فيها فان كان يصح انفكاكه
(٩٧)