أو وسطه أو اخره وكذلك يكون مخيرا بين ان يصوم في أول الشهر أو وسطه أو اخره الا ان يقوم دليل على انه واجب في أوله فيخرج عن هذا الباب والذي يدل على ذلك ان الوقت الثاني مثل الوقت الأول في تناول الامر له بأداء العبارة فيه فليس لنا ان نجعل أحدهما هو الواجب فيه دون الاخر فينبغي ان يكون مخيرا في الأوقات كلها وليس لهم ان يقولوا ان هذا يرجع عليكم في اخر الوقت فإنكم جعلتموه مضيقا فان ذلك لابد فيه في اخر الوقت لأنه ان لم نقبل ذلك أدى إلى فوات العبادة وليس كذلك الوقت الأول لأنه إذا لم يفعل فيه فالوقت الثاني وقت له وليس لاحد ان يقول ان هذا ينتقض بما ذكرتموه في الباب الأول من ان الامر يقتضى الفور وانه يجب المأمور عقيبه وذلك انا انما قلنا ذلك في الأوامر المطلقة التي لها وقت واحد فحملناه على الفور وحمل مخالفونا على التراخي لما لم يكن في اللفظ تعيين الوقت وليس كذلك في الامر الموقت لأنه قد عين فيه الوقت وذكر أوله واخره فقلنا انه مخير فيهما فان قيل فكيف أوجبتم العزم بدلا منه في الوقت الأول ولم يذكر العزم في اللفظ وهلا لزمكم ما التزمتموه من خالفكم في الامر المطلق وانه يقتضى التراخي وأوجب العزم بدلا منه في كل الأوقات قيل له إذا ثبت ان الامر يتناول الوقت الثاني كتناوله الوقت الأول وهو يقتضى الوجوب فمتى لم يثبت العزم بدلا منه في الأول أدى ذلك إلى خروجه عن كونه واجبا فلأجل ذلك أوجباه وليس كذلك في الامر المطلق لأنه لم يثبت للخصم انه يجب في الأوقات ولا ان الامر تناول الأوقات على جهة البدل فيثبت العزم بدلا منه في الأول بل كان الوقت الذي يلزمه أداء الفعل فيه هو الثاني لم يجز ان يثبت العزم بدلا منه واحتاج المخالف في اثبات ذلك إلى دليل فاما من قال انه يجب (يجوز خ ل) تأخيره فمتى فعل في الأول كان نفلا فذلك نقض لاقتضاء الامر الايجاب وانتقال إلى مذهب من يقول انه يقتضى الندب وذلك خلاف الصحيح على ما دللنا عليه قال لو كان واجبا في أوله لكان متى لم يفعله فيه استحق الذم لان بذلك تتميز الواجب من النفل فلما لم يستحق الذم بالا يفعل في الأول علمنا انه نفل فيه قيل له انما يجب ان نقول بسقوط الذم عمن لم يفعل فعلا بعينه على انه ندب إذا لم يكن هناك امر بسند ذلك إليه الا كونه نفلا فاما إذا كان هناك امر يسند إليه ذلك فلا يصح
(٨٩)