كثير من المتكلمين إلى ان الكفارات الثلث كلها واجبة مخير فيها وهو المحكى عن أبي علي وأبي هاشم واليه ذهب أصحابها وقال أكثر الفقهاء ان الواجب منها واحد لا بعينه وذهب إليه جماعة من المتكلمين وحكى أبو عبد الله عن أبي الحسن القولين والذي اختاره شيخنا أبو عبد الله ان الواجب واحد لا بعينه على ما يذهب إليه الفقهاء وذهب سيدنا المرتضى إلى ان كفارته الثلث لها صفة الوجوب على وجه التخيير والذي اذهب إليه ان الثلاثة لها صفة الوجوب الا أنه يجب على المكلف اختيار أحدها وهذه المسألة إذا كشف عن معناها ربما زال الخلاف فيها واعلم ان المعنى بقولنا ان الثلاثة لها صفة الوجوب ان الله تعالى قد علم ان كل واحد منها يقوم مقام صاحبه في كونه مصلحة ولطفا للمكلف فاعلمنا ذلك وخيرنا بين فعلها فالمخالف في ذلك لا يخلو اما ان يوافق على ذلك ويقول مع هذا ان الواجب واحد لا بعينه فذلك يكون خلافا في عبارة لا اعتبار به وان قال ان الذي هو لطف ومصلحة واحد من الثلاثة والثنتان ليس لها صفة الوجوب فذلك يكون خلافا في المعنى والذي يدل على فساد هذا القول انه لو كان الواحد منها لها صفة الوجوب والباقي ليس له ذلك لوجب أن يدل الله على ذلك ويعينه لأنه لا طريق للمكلف إلى معرفة ماله صفة الوجوب ويميزه مما ليس له ذلك ومتى لم يفعل ذلك والامر على ما قلناه يكون قد كلفه ما لا دليل عليه وذلك لا يجوز ولذلك قلنا انه لا يجوز أن يكلف الله تعالى اختيار الرسل والشرايع ولا ينصب على ذلك دليلا لان ذلك قبيح وليس لاحد أن يقول انه يتميز له باختياره لان بعد اختياره قد سقط عنه التكلف وينبغي أن يتميز له في حال ما وجب عليه حتى يصح منه الاقدام عليه ويميزه له من غيره وذلك يكون قبل اختياره ولا يلزم على ذلك تعين البيع عند اختيار العقد لان ذلك في الأصل تابع لاختياره دون كونه مصلحة فكان ما يتبع ذلك مثله ويدل على ذلك أيضا انه لو كان الواحد من ذلك له صفة الوجوب والباقي ليس له ذلك لكان ينبغي أن لو فرضنا ان المكلف اختار غيره انه لا يجزيه وفي ذلك خروج عن الاجماع لأنه لا خلاف بين المسلمين انه لو اختار أي الثلاثة كان أجزئه وفي ذلك بطلان هذا المذهب وأيضا فلو كان الواجب واحدا لا بعينه لما جاز من الحكيم ان يخير المكلف بينه وبين ما ليس له صفة الوجوب كما لا يحسن ان يخيره بين الواجب والمباح وليس علمه بأنه
(٨٤)