الا ترى انه إذا فرضنا ان هناك ما يقوم مقام ويسد مسده من الواجب فمتى لم يفعله وفعل ذلك الامر لم يستحق الذم وانما يتم ذلك في الامر المضيق اما بفعل واحد أو وقت واحد فمتى لم يفعله بعينه أو في ذلك الوقت استحق الذم وقد بينا ان هذه المسألة بخلاف ذلك وان هناك عزما يقوم مقامه فان عادوا إلى ان يقولوا العزم ليس عليه دليل كرر عليهم الكلام الأول وهو انه إذا تناول الامر الوقت الثاني كتناوله للوقت الأول فلابد متى لم يفعل في الأول من عزم والا خرج من كونه واجبا إلى ان يكون نفلا وقد ثبت انه واجب فان قالوا إذا جاز لكم ان تعدلوا من ذلك إلى فعل العزم جاز لنا ان نعدل إلى انه نفل والا فما الفرق قيل له حمله على كونه نفلا نقض لكونه واجبا وليس ايجاب العزم نقض لكونه واجبا على ما بيناه فكان ذلك فرق بين الموضعين فان قيل فعلى هذا المذهب ما قولكم في صلاة الظهر التي لها وقتان أول واخر وكذا سائر الصلوات قيل له اختلف العلماء في ذلك وأصحابنا أيضا فمن الفقهاء من جعل الفرض متعلقا باخره ومتى فعله في الأول كان نفلا وربما سماه موقوفا على ان يأتي عليه الوقت الاخر وهو على الصفة التي يحب عليه معها فعل الصلاة ويخرج الوقت فيحكم له بالوجوب ومع تسميته نفلا يكون قد أجزأت عن الواجب وهذا هو المحكى عن أبى الحسن الكرخي من أصحاب أبى حنيفة وذهب باقي الفقهاء إلى انه مخير في الأوقات كلها ثم اختلفوا فمنهم من رجح الوقت الأول بالفصل ومنهم من لم يرجح وسوى بين الأوقات وأصحابنا اختلفوا فكان شيخنا أبو عبد الله يذهب إلى ان الوجوب يتعلق بأوله وانه متى لم يفعل استحق الذم والعقاب الا انه متى تلافاه سقط عقابه وذهب سيدنا المرتضى إلى انه مخير في الأوقات كلها أولها واخرها غير ان أدائها في الأول أفضل وإذا نصرنا المذهب الأول نقول انما قلنا ذلك لأنه لم يخير على كل حال بين الصلاة في أول الوقت واخر الوقت وانما فرضه الوقت الأول فلا يصح ان يجعل مخيرا بينه وبين ما لم يجعل له ويجرى ذلك مجرى الامر المضيق المعين بوقت متضيق وليس لهم ان يقولوا ان ذلك ينقض ان يكون الصلاة لها وقتان وذلك انا نقول إذا نصرنا هذا المذهب ان لها وقتين في الجملة بالإضافة إلى مكلفين فاما إذا أضفناها إلى كل واحد من المكلفين فان لها وقتا واحدا فيكون الوقت الأول لمن لا عذر له ولا مانع يمنعه من فعل الصلاة فيه من
(٩٠)