إلى دليل واختلفوا فمن أجاز منهم تأخير البيان عن حال الخطاب في المجمل قال متى لم يدل دليل في حال الخطاب على انه أراد الفعل في الثاني قطعت على انه غير مراد فيه وتوقف في الثالث والرابع وما زاد عليه وكذلك إذا جاء الوقت الثاني ولم يبين له ان مراده في الثالث قطعت على انه غير مراد فيه ثم على هذا التدريج هذا الذي اختاره سيدنا المرتضى ومن لم يجز تأخير بيان المجمل عن حال الخطاب لم يجوز ذلك والذي اذهب إليه هو الأول والذي يدل على ذلك انه قد ثبت بما دللنا عليه ان الامر يقتضى الايجاب فلو لم يقتضى الفعل في الثاني لم ينفصل مما ليس بواجب في هذه الحال لان ما ليس بواجب هذا حكمه من انه يجوز تركه وهذا لا حق به وهذا يؤدى إلى نقض كونه موجبا فان قالوا انه وان جاز تأخيره فلا يجوز ذلك الا إلى بدل وهو العزم وربما قالوا انه يجوز له أن يؤخر بشرط أن يفعل في الثالث وكذلك فيما بعد قيل له على الوجه الأول اثبات العزم يحتاج إلى دليل حتى يصح أن يكون مخيرا بينه وبين الفعل فلما إذا لم يثبت ذلك فكيف يجعل مخيرا بينه وبينه ولا فرق بين من اثبته من غير دليل وبين من أثبت فعلا اخر وجعله مخيرا بينه وبينه (يحصل ح ن) فلما كان هذا فاسدا بلا خلاف كان العزم مثله وليس لهم أن يقولوا نحن لا نثبت العزم الا بدليل وذلك انه لما ثبت ان الفعل واجب وكانت الأوقات في أدائها متساوية أثبتنا العزم والا انتقض كونه واجبا وذلك ان هذا انما يتم إذا ثبت لهم ان الأوقات متساوية في الأداء ودون ذلك خرط القتاد وأيضا فلو كان مخيرا بينه وبين العزم لجاز له أن يقتصر عليه ولا يفعل الواجب لان هذا حكم سائر الابدال وفي ذلك اغراء له بترك الواجب والا يفعل شيئا منه أصلا ويقتصر على العزم ابدا وفي ذلك خروج عن الدين فاما من قال انه يجوز له تأخيره بشرط أن يفعل في الثالث فقوله يفسد من وجهين أحدهما ان على هذا القول صار مخيرا في الوقت الثاني بين فعله وان لا يفعل وهذه صفة الندب والثاني انه لا يعلم انه يفعل في الثالث حتى يصح منه تأخيره عن الثاني إليه وفي بطلان الوجهين معا ثبوت ما قصدناه ومما يدل أيضا على ان الامر يقتضى الفوران الامر في الشاهد يعقل منها الفور الا ترى ان من امر غلامه بفعل فلم يفعل استحق الذم ولو كان يقتضى التأخير لجاز له أن لا يفعل ويعتل بذلك ويقول انا مخير بين الفعل وبين العزم عليه فلم أذم وفي علمنا يبطلان هذا لاعتلال دليل على انه اقتضى الفور وليس لهم أن يدعوا قرينة دلت
(٨٦)