جائر عقلا، ولكنه يحتاج إلى نص يصح الاعتماد عليه في ذلك، وليس مهما أن نعرف نوعية الألواح، ولا أجناسها، ولكن المهم أن نعرف ما احتوت عليه، فبين الله سبحانه لنا ما نحتاج إليه دون غيره، وليس في تعيينها ما يضر ولا ينفع، ومن تساهل المفسرون في نقل نقل ذلك، ولو أن الامر يبنى عليه حكم شعري لوقف المفسرون رحمهم الله من ذلك موقف العالم الممحص يقول: هذا صح إسناده، وذاك ضعيف أو موضوع لا يصار إليه.
(8) قوله تعالى: (ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه) سورة يوسف آية 24 أقول ما ذكره السيوطي رحمه الله قال به كثير من المفسرين وأنكره كثير منهم وأجمعوا قاطبة على أن يوسف عليه السلام لم يفعل المنكر، لأنه رأى برهان ربه فاقتنع، ولكن الهم هذا على المعنى الذي ذكره السيوطي رحمه الله أكثره الكثيرون، حتى قال الفخر الرازي: إن يوسف عليه السلام كان بريئا من العمل الباطل، والهم المحرم، وهذا قول المحققين من المفسرين والمتكلمين، وبه نقول، وعنه نذب، فإن الدلائل قد دلت على عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. وأما ما روي عن ابن عباس أنه جلس فيها مجلس الخائن فحاشا ابن عباس أن يقول مثل بهذا عن يوسف عليه الصلاة خ والسلام، ولعل بعض أصحاب القصص وأصحاب الاخبار وضعوه على ابن عباس، وكذلك ما روي عن مجاهد وغيره أيضا فإنه لا يكاد يصح بسند صحيح، وبطل ذلك كله، وثبت ما بيناه من براءة يوسف عليه الصلاة والسلام ه. وقد فسر همه بزجرها ووعظها، وقيل: هم بضربها ودفعها، وقيل: هذا كله كان قبل نبوته. وعلى كل حال، فالهم همان: هم ثابت، وهو ما كان معه عزم وقصد وعقيدة ورضا مثل هم امرأة العزيز، فالعبد المأخوذ به، وهم عارض، وهو الخطرة في القلب، وحديث النفس من غير اختيار ولا عزم مثل يوسف عليه الصلاة والسلام، فالعبد غير مأخوذ به ما لم يتكلم أو يعمل به، ولو كان همه كهمها لما مدحه الله تعالى بأنه من عباده المخلصين.
(9) (وما أبرئ نفسي إن النفسي لأمارة بالسوء...) سورة يوسف آية 53.
أقول: ما ذكره الامام السيوطي هنا هو أحد قولين للمفسرين، وهو أنه من كلام يوسف عليه السلام، وقد بين السيوطي رحمه الله تعالى أنه قاله تواضعا لله، لأنه ما أراد أن يزكي نفسه (فلا تزكوا أنفسكم) فكان في قوله: (وما أبرئ نفسي) هضم للنفس، وانكسار وتواضع لله عزو وجل، فإن تبرئة النفس في مقام العصمة والتزكية ذنب عظيم فأراد إزالة ذلك عن نفسه فإن حسنات الأبرار سيئات المقربين.
والامام السيوطي بين أن المراد من النفس في قوله (ان النفس) الجنس أي النفوس من حيث هي تأمر بالسوء لا النفوس الشريفة العالية كنفوس الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والقول الثاني للمفسرين أنه من كلام امرأة العزيز، وعلى هذا يكون المعنى، وما أبرئ نفسي من مراودتي يوسف عن نفسه وكذبي عليه.
(10) قوله تعالى: (حتى إذا لقيا غلاما فقتله) سورة الكهف آية 74