ليمحص هو، والشيخ كان على معرفة كاملة بصحة ما قيل، أو بعدم صحته، ولكن العلماء كانت لهم أساليبهم، فربما نقلوا الخبر دون تعليق وربما علقوا عليه بحسب ما يرون من الحاجة، وفي كل ذلك كانت مقاصدهم عظيمة ورائعة، ولا يجوز بحال الطعن فيهم، والنقص من قدرهم، رحمهم الله ورضي عنهم، فإنهم على سلم فضلهم صعد الخلف.
(4) قوله تعالى (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن) سورة البقرة آية 124.
أقول: وإنما اختلف العلماء في الكلمات التي ابتلى الله بها إبراهيم خليله، لان القرآن لم يعينها، ومن ثم تعددت الآراء فيها، والظاهر أنها أوامر الدين ونواهيه، فكل ما كلف به إبراهيم عليه السلام من أمر ونهي قام به أتم قيام والمضمضة والاستنشاق وغيرهما من خصال الفطرة التي ذكرها الامام السيوطي وغيره بعض من هذه الأمور.
(5) قوله تعالى: (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت..) سورة البقرة آية 248.
أقول: ما ذكره الشيخ الطوسي هنا هو ما ذكر عامة المفسرين عند هذه الآية ولكن الشئ الذي يلفت النظر، هو أن التابوت كما قال الشيخ المراغي وصف في بعض الكتب بأوصاف هي غاية في الغرابة في كيفية صنيعه، وجمال منظره، وما تحلى به من الذهب ودخل في تركيبه من الخشب الثمينة.
والأولى في هذا كله أن يترك لفظ التابوت على إطلاقه ما لم يرد نص يعتمد عليه فعندهما تعين ماهيته.
(6) قوله تعالى (كل الطعام كلا حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة) سورة آل عمران آية 93.
أقول: ما ذكره الشيخ السيوطي هنا ذكره كذلك عامة المفسرين، ودق ورى الطبري بسنده عن ابن عباس أن عصابة من اليهود حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا أبا القاسم، أخبرنا أي الطعام حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب مرض مرضا شديدا، فطال سقمه منه، فنذر لله نذرا، لئن عافاه الله من سقمه ليحرمن من أحب الطعام والشراب إليه، وكان أحب الطعام إليه لحم الإبل، وأحب الشراب إليه ألبانها، فقالوا: اللهم نعم ".
والظاهر أن المحرم كان على نوعين: ما حرمه إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة كما هو صريح هذه الآية، وما حرمه الله عليهم بعد نزول التوراة بسبب ذنوب ارتكبوها، كما قال تعالى: (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم).
(7) قوله تعالى: (وكتبنا له في الألواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ..) سورة الأعراف آية 145.
أقول: ما ذكره الشيخ السيوطي هنا من وصف الألواح بأنها كانت منسدر الجنة، أو زبرجد وزمرد،