فلبسه، وطفق بالحجر ضربا بعصاه، فوالله إن بالحجر لندبا من أثر ضربه: ثلاثا أو أربعا أو خمسا ".
(18) قوله تعالى (وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب..) سورة ص الآيات 21 و 22 و 23 و 24.
أقول: قال الصاوي في حاشيته على الجلالين عند هذا الكلام: " مشى المفسر على أن داود سأل أوريا طلاق زوجته، ثم بعد وفاء عدتها تزوجها داود ودخل بها، وهو أحد أقوال ثلاثة، والثاني أن داود لما تعلق قبله بها أمر " أوريا " ليذهب للجهاد ليقتل فيتزوجها، ففعل، فلما قتل في الجهاد تزوجها داود، والثالث أن " أوريا " لم يكن متزوجا بها، وإنما خطبها فقط، فخطبها داود على خطبته وتزوجها ثم قال الصاوي: وكان ذلك كله جائزا في شرعه، وإنما عاتبه الله لرفعة قدره، وللسيد أن يعاقب عبده على ما يقع منه، وإن كان جائزا من باب " حسنات الأبرار سيئات المقربين " ه.
ولكن قال في الخازن عند تفسير هذه الآية أو عند ذكر هذه القصة التي ذكرها المفسر " اعلم أن من خصه الله بنبوته، وأكرمه برسالته، وشرفه على كثير من خلقه لا يليق أن ينسب إليه ما لو نسب إلى آحاد الناس لاستنكف أن يحدث عن نفسه، فكيف يجوز أن ينسب إلى بعض أعلام الأنبياء، والصفوة الامناء ذلك، وقد روي عن علي بن أبي طالب أنه قال:
" من حدثكم بحديث داود على ما يرويه القصاص جلدته مائة وستين جلدة، وهو حد الفرية على الأنبياء " وقال القاضي عياض: " لا يجوز أن يلتفت إلى ما سطره الأخباريون من أهل الكتاب الذين بدلوا وغيروا ونقله بعض المفسرين ولم ينص الله تعالى على شئ من ذلك، ولا ورد في حديث صحيح، وليس في قصة داود وأوريا خبر ثابت، ولا يظن بنبي محبة، قتل مسلم، وهذا هو الذي ينبغي أن يقول عليه من أمر داود " وقال الامام فخر الدين الرازي: " حاصل القصة يرجع إلى السعي في قتل رجل مسلم بغير حق، وإلى الطمع في زوجته، وكلاهما منكر عظيم فلا يليق بعاقل أن يظن بداود عليه الصلاة والسلام هذا ". وقال غيره: " إن الله تعالى أثنى على داود قبل القصة وبعدها، وذلك يدل على استحالة ما نقلوه من القصة، فكيف يتوهم عاقل أن يقع بين مدحين ذم، ولو جرى ذلك من بعض الناس في كلامه لاستهجنه العقلاء، ولقالوا: أنت في مدح شخص فكيف تجري ذمه أثناء مدحك، والله تعالى منزه عن مثل ذلك.
وقد قيل: إن داود تمنى أن تكون امرأة " أوريا " له، فاتفق أن " أوريا " هلك في الحرب فلما بلغ داود قتله لم يجزع عليه كما جزع على غيره من جنده، ثم تزوج امرأته فعاتبه الله على لان ذنوب الأنبياء وإن صغرت فهي عظيمة عند الله فهذه هي الفتنة في قوله: (وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه...) ه كلام الخازن ببعض تصرف. أما ابن كثير فلم يذكر القصة بل قال: " قد ذكر المفسرون ها هنا قصة أكثرها مأخوذ من الإسرائيليات ولم يثبت فيها عن المعصوم يجب اتباعه.
(19) قوله تعالى: (ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق) سورة ص الآية 33.
أقول: إن الذي ذكره المفسر هو قول ابن عباس وأكثر المفسرين وكان ذلك مباحا له لان نبي الله سليمان لم