ولا جوازه بل هو محال وإنما قصد تجهيلهم فيما ادعوه وزعموه كما قال عز وجل " لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين " " قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين " كل هذا من باب الشرط ويجوز تعليق الشرط على المستحيل لمقصد المتكلم وقوله تعالى " سبحانه هو الله الواحد القهار " أي تعالى وتنزه وتقدس عن أن يكون له ولد فإنه الواحد الاحد الفرد الصمد الذي كل شئ عبد لديه فقير إليه وهو الغنى عما سواه الذي قد قهر الأشياء فدانت له وذلت وخضعت تبارك وتعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا.
خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجرى لأجل مسمى ألا هو العزيز الغفار (5) خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الانعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذالكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون (6) يخبر تعالى أنه الخالق لما في السماوات والأرض وما بين ذلك من الأشياء وبأنه مالك الملك المتصرف فيه يقلب ليله ونهاره " يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل " أي سخرهما يجريان متعاقبين لا يفتران كل منهما يطلب الآخر طلبا حثيثا كقوله تبارك وتعالى " يغشى الليل النهار يطلبه حثيثا " هذا معنى ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وقتادة والسدي وغيرهم. وقوله عز وجل " وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل سمى " أي إلى مدة معلومة عند الله تعالى ثم ينقضي يوم القيامة " ألا هو العزيز الغفار " أي مع عزته وعظمته وكبريائه هو غفار لمن عصاه ثم تاب وأناب إليه وقوله جلت عظمته " خلقكم من نفس واحدة " أي خلقكم مع اختلاف أجناسكم وأصنافكم وألسنتكم وألوانكم من نفس واحدة وهو آدم عليه الصلاة والسلام " ثم جعل منها زوجها " وهي حواء عليها السلام كقوله تعالى " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء " وقوله تعالى " وأنزل لكم من الانعام ثمانية أزواج " أي وخلق لكم من ظهور الانعام ثمانية أزواج وهي المذكورة في سورة الأنعام ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين وقوله عز وجل " يخلقكم في بطون أمهاتكم " أي قدركم في بطون أمهاتكم " خلقا من بعد خلق " يكون أحدكم أولا نطفة ثم يكون علقة ثم يكون مضغة ثم يخلق فيكون لحما وعظما وعصبا وعروقا وينفخ فيه الروح فيصير خلق آخر " فتبارك الله أحسن الخالقين ". وقوله جل وعلا " في ظلمات ثلاث " يعني في ظلمة الرحم وظلمة المشيمة التي هي كالغشاوة والوقاية على الولد وظلمة البطن كذا قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وعكرمة وأبو مالك والضحاك وقتادة والسدي وابن زيد. وقوله جل جلاله " ذلكم الله ربكم " أي هذا الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما وخلقكم وخلق آباءكم هو الرب له الملك والتصرف في جميع ذلك " لا إله إلا هو " أي الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده لا شريك له " فأنى تصرفون " أي فكيف تعبدون معه غيره؟ أين يذهب بعقولكم؟
إن تكفروا فإن الله غنى عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور (7) * وإذا مس