أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم " يعني الاعراب الذين يمنون بإسلامهم ومتابعتهم ونصرتهم على الرسول صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى ردا عليهم " قل لا تمنوا علي إسلامكم " فإن نفع ذلك إنما يعود عليكم ولله المنة عليكم فيه " بل الله يمن عليكم أن هداكم للايمان إن كنتم صادقين " أي في دعواكم ذلك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار يوم حنين " يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي؟ وكنتم متفرقين فألفكم الله بي؟ وكنتم عالة فأغناكم الله بي؟ " كلما قال شيئا قالوا: الله ورسوله أمن. وقال الحافظ أبو بكر البزار حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري حدثنا يحيى بن سعيد الأموي عن محمد بن قيس عن أبي عون عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال جاءت بنو أسد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله أسلمنا وقاتلتك العرب ولم نقاتلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن فقههم قليل وإن الشيطان ينطق على ألسنتهم " ونزلت هذه الآية " يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للايمان إن كنتم صادقين " ثم قال لا نعلمه يروى إلا من هذا الوجه ولا نعلم روى أبو عون محمد بن عبيد الله عن سعيد بن جبير غير هذا الحديث ثم كرر الاخبار بعلمه بجميع الكائنات وبصره بأعمال المخلوقات فقال " إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون " آخر تفسير سوره الحجرات ولله الحمد والمنة وبه التوفيق والعصمة.
سورة ق هذه السورة هي أول الحزب المفصل على الصحيح وقيل من الحجرات وأما ما يقوله العوام إنه من " عم " فلا أصل له ولم يقله أحد من العلماء رضي الله عنهم المعتبرين فيما نعلم والدليل على أن هذه السورة هي أول المفصل ما رواه أبو داود في سننه باب تحزيب القرآن ثم قال حدثنا مسدد حدثنا قراب بن تمام وحدثنا عبد الله بن سعيد أبو سعيد الأشج حدثنا أبو خالد ثنا سليمان بن حبان وهذا لفظه عن عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى عن عثمان بن عبد الله بن أوس عن جده قال عبد الله بن سعيد حدثنيه أوس بن حذيفة ثم اتفقا قال قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيف قال فنزلت الاحلاف على المغيرة بن شعبة رضي الله عنه وأنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بني مالك في قبة له قال مسدد وكان في الوفد الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثقيف قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ليلة يأتينا بعد العشاء يحدثنا قال أبو سعيد قائما على رجله حتى يراوح بين رجليه من طول القيام فأكثر ما يحدثنا صلى الله عليه وسلم ما لقي من قومه قريش ثم يقول صلى الله عليه وسلم " لا أساء وكنا مستضعفين مستذلين - قال مسدد بمكة - فلما خرجنا إلى المدينة كانت الحرب سجالا بيننا وبينهم ندال عليهم ويدالون علينا " فلما كانت ليلة أبطأ عنا صلى الله عليه وسلم عن الوقت الذي كان يأتينا فيه فقلنا لقد أبطأت علينا الليلة قال صلى الله عليه وسلم " إنه طرأ علي حزبي من القرآن فكرهت أن أجئ حتى أتمه " قال أوس سألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يحزبون القرآن فقالوا ثلاث وخمس وسبع وتسع وإحدى عشرة وثلاث عشرة وحزب المفصل وحده ورواه ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي خالد الأحمر به ورواه الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي عن عبد الله بن عبد الرحمن هو ابن يعلى الطائفي به إذا علم هذا فإذا عددت ثمانيا وأربعين سورة فالتي بعدهن سورة ق بيانه ثلاث: البقرة وآل عمران والنساء وخمس: المائدة والانعام والأعراف والانفال وبراءة وسبع: يونس وهود ويوسف والرعد وإبراهيم والحجر والنحل وتسع:
سبحان والكهف ومريم وطه والأنبياء والحج والمؤمنون والنور والفرقان وإحدى عشرة: الشعراء والنمل والقصص والعنكبوت والروم ولقمان وألم السجدة والأحزاب وسبأ وفاطر ويس وثلاث عشرة: الصافات وص والزمر وغافر وحم السجدة وحم عسق والزخرف والدخان والجاثية والأحقاف والقتال والفتح والحجرات ثم بعد