أفعالكم مع ما اشتملت عليه قلوبكم من التكذيب؟ " وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها أي إذا قال لكم المؤمنون ذلك " قلتم ما ندري ما الساعة " أي لا نعرفها " إن نظن إلا ظنا " أي إن نتوهم وقوعها إلا توهما أي مرجوحا ولهذا قال " وما نحن بمستيقنين أي بمتحققين قال الله تعالى " وبدا لهم سيئات ما عملوا " أي وظهر لهم عقوبة أعمالهم السيئة " وحاق بهم " أي أحاط بهم " ما كانوا به يستهزئون " أي من العذاب والنكال " وقيل اليوم ننساكم " أي نعاملكم معاملة الناسي لكم في نار جهنم " كما نسيتم لقاء يومكم هذا " أي فلم تعملوا له لأنكم لم تصدقوا به " ومأواكم النار وما لكم من ناصرين " وقد ثبت في الصحيح أن الله تعالى يقول لبعض العبيد يوم القيامة " ألم أزوجك؟ ألم أكرمك؟ ألم أسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول بلى يا رب فيقول أفظننت أنك ملاقي؟ فيقول لا فيقول الله تعالى فاليوم أنساك كما نسيتني " قال الله تعالى " ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا " أي إنما جازيناكم هذا الجزاء لأنكم اتخذتم حجج الله عليكم سخريا تسخرون وتستهزؤون بها " وغرتكم الحياة الدنيا " أي خدعتكم فاطمأننتم إليها فأصبحتم من الخاسرين " ولهذا قال عز وجل " فاليوم لا يخرجون منها " أي من النار " ولا هم يستعتبون " أي لا يطلب منهم العتبى بل يعذبون بغير حساب ولا عتاب كما تدخل طائفة من المؤمنين الجنة بغير عذاب ولا حساب. ثم لما ذكر تعالى حكمه في المؤمنين والكافرين قال " فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض " أي المالك لهما وما فيهما ولهذا قال " رب العالمين " ثم قال جل وعلا " وله الكبرياء في السماوات والأرض قال مجاهد يعني السلطان أي هو العظيم الممجد الذي كل شئ خاضع لديه فقير إليه. وقد ورد في الحديث الصحيح " يقول الله تعالى العظمة إزاري والكبرياء ردائي فمن نازعني واحدا منهما أسكنته ناري " رواه مسلم من حديث الأعمش عن أبي إسحاق عن الأغر أبي مسلم عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه وقوله تعالى " وهو العزيز " أي الذي لا يغالب ولا يمانع " الحكيم " في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره تعالى وتقدس لا إله إلا هو آخر تفسير سورة الجاثية ولله الحمد والمنة وبه التوفيق والعصمة.
سورة الأحقاف بسم الله الرحمن الرحيم حم (1) تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم (2) ما خلقنا السماوات والأرض إلا بالحق وأجل مسمى والذين كفروا عما أنذروا معرضون (3) قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات أئتوني بكتاب من قبل هذا أو أثرة من علم إن كنتم صادقين (4) ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون (5) وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين (6) يخبر تعالى أنه أنزل الكتاب على عبده ورسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين ووصف نفسه بالعزة التي لا ترام والحكمة في الأقوال والافعال ثم قال تعالى " ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق " أي لا على وجه العبث والباطل " وأجل مسمى " أي وإلى مدة معينة مضروبة لا تزيد ولا تنقص. وقوله