أم اتخدوا من دون الله شفعاء قل أو لو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون (43) قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون (44) وإذا ذكر الله اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالأخرى وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون (45) يقول تعالى ذاما للمشركين في اتخاذهم شفعاء من دون الله وهم الأصنام والأنداد التي اتخذوها من تلقاء أنفسهم بلا دليل ولا برهان هداهم على ذلك وهي لا تملك شيئا من الامر بل وليس لها عقل تعقل به ولا سمع تسمع به ولا بصر تبصر به بل هي جمادات أسوأ حالا من الحيوان بكثير ثم قال قل أي يا محمد لهؤلاء الزاعمين إن ما اتخذوه شفعاء لهم عند الله تعالى أخبرهم أن الشفاعة لا تنفع عند الله إلا لمن ارتضاه وأذن له فمرجعها كلها إليه " من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه " " له ملك السماوات والأرض " أي هو المتصرف في جميع ذلك " ثم إليه ترجعون " أي يوم القيامة فيحكم بينكم بعدله ويجزي كلا بعمله. ثم قال تعالى ذاما للمشركين أيضا " وإذا ذكر الله وحده " أي إذا قيل لا إله إلا الله وحده " اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة " قال مجاهد اشمأزت انقبضت وقال السدي نفرت وقال قتادة كفرت واستكبرت وقال مالك عن زيد بن أسلم استكبرت كما قال تعالى " إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون " أي عن المتابعة والانقياد لها فقلوبهم لا تقبل الخير ومن لم يقبل الخير يقبل الشر ولذلك قال تبارك وتعالى " وإذا ذكر الذين من دونه " أي من الأصنام والأنداد قاله مجاهد " إذا هم يستبشرون " أي يفرحون ويسرون.
قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون (46) ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحسبون (47) وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون (48) يقول تبارك وتعالى بعدما ذكر عن المشركين ما ذكر من المذمة لهم في حبهم الشرك ونفرتهم عن التوحيد " قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة " أي ادع أنت الله وحده لا شريك له الذي خلق السماوات والأرض وفطرها أي جعلها على غير مثال سبق " عالم الغيب والشهادة " أي السر والعلانية " أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون " أي في دنياهم ستفصل بينهم يوم معادهم ونشورهم وقيامهم من قبورهم. قال مسلم في صحيحه حدثنا عبد بن حميد حدثنا عمر بن يونس ثنا عكرمة بن عمار ثنا يحيى بن أبي كثير حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن قال: سألت عائشة رضي الله عنها بأي شئ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام من الليل؟ قالت رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل افتتح صلاته " اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ". وقال الإمام أحمد حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أخبرنا سهيل عن أبي صالح وعبد الله بن عثمان بن خثيم عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من قال اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة إني أعهد إليك في هذه الدنيا أني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك فإنك إن