هم الخاسرون (63) قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون (64) ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين (65) بل الله فاعبد وكن من الشاكرين (66) يخبر تعالى أنه خالق الأشياء كلها وربها ومليكها والمتصرف فيها وكل تحت تدبير وقهره وكلاءته وقوله عز وجل " له مقاليد السماوات والأرض " قال مجاهد: المقاليد هي المفاتيح بالفارسية وكذا قال قتادة وابن زيد وسفيان ابن عينة وقال السدي " له مقاليد السماوات والأرض " أي خزائن السماوات والأرض والمعنى على كلا القولين أن أزمة الأمور بيده تبارك وتعالى له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير ولهذا قال جل وعلا " والذين كفروا بآيات الله " أي حججه وبراهينه " أولئك هم الخاسرون " وقد روى ابن أبي حاتم ههنا حديثا غريبا جدا وفي صحته نظر ولكن نحن نذكره كما ذكره فإنه قال حدثنا يزيد بن سنان البصري بمصر ثنا يحيى بن حماد ثنا الأغلب بن تميم عن مخلد بن هذيل العبدي عن عبد الرحمن المدني عن عبد الله بن عمر عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير قوله تعالى " له مقاليد السماوات والأرض " فقال " ما سألني عنها أحد قبلك يا عثمان " قال صلى الله عليه وسلم " تفسيرها لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله وبحمده استغفر الله ولا قوة إلا بالله الأول والآخر والظاهر والباطن بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير من قالها يا عثمان إذا أصبح عشر مرار أعطي خصالا ستا: أما أولاهن فيحرس من إبليس وجنوده وأما الثانية فيعطي قنطارا من الاجر وأما الثالثة فترفع له درجة في الجنة وأما الرابعة فيتزوج من الحور العين وأما الخامسة فيحضره اثنا عشر ملكا وأما السادسة فيعطي من الاجر كمن قرأ القرآن والتوراة والإنجيل والزبور وله مع هذا يا عثمان من الاجر كمن حج وتقبلت حجته واعتمر فتقبلت عمرته فإن مات من يومه طبع عليه بطابع الشهداء " ورواه أبو يعلى الموصلي من حديث يحيى بن حماد به مثله وهو غريب وفيه نكارة شديدة والله أعلم. وقوله تبارك وتعالى " قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون " ذكروا في سبب نزولها ما رواه ابن أبي حاتم وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أن المشركين من جهلهم دعوا رسول الله إلى عبادة آلهتهم ويعبدوا معه إلهه فنزلت " قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون * ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين " وهذه كقوله تعالى " ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ". وقوله عز وجل " بل الله فاعبد وكن من الشاكرين " أي أخلص العبادة لله وحده لا شريك له أنت ومن اتبعك وصدقك.
وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون (67) يقول تبارك وتعالى " وما قدروا الله حق قدره " أي ما قدر المشركون الله حق قدره حين عبدوا معه غيره وهو العظيم الذي لا أعظم منه القادر على كل شئ المالك لكل شئ وكل شئ تحت قهره وقدرته قال مجاهد نزلت في قريش وقال السدي ما عظموه حق تعظيمه وقال محمد بن كعب لو قدروه حق قدره ما كذبوا. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما " وما قدروا الله حق قدره " هم الكفار الذين لم يؤمنوا بقدرة الله عليهم فمن آمن أن الله على كل شي قدير فقد قدر الله حق قدره ومن لم يؤمن بذلك فلم يقدر الله حق قدره وقد وردت أحاديث كثيرة متعلقة بهذه الآية الكريمة والطريق فيها وفي أمثالها مذهب السلف وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تحريف. قال البخاري قوله تعالى " وما قدروا الله حق قدره " حدثنا آدم ثنا