من الصخرة آية لهم وحجة عليهم " فدمدم عليهم ربهم بذنبهم " أي غضب عليهم فدمر عليهم " فسواها " أي فجعل العقوبة نازلة عليهم على السواء قال قتادة بلغنا أن أحيمر ثمود لم يعقر الناقة حتى بايعه صغيرهم وكبيرهم وذكرهم وأنثاهم فلما اشترك القوم في عقرها دمدم الله عليهم بذنبهم فسواها. وقوله تعالى " ولا يخاف " وقرئ فلا يخاف " عقباها " قال ابن عباس لا يخاف الله من أحد تبعة وكذا قال مجاهد. والحسن وبكر بن عبد الله المزني وغيرهم وقال الضحاك والسدي ولا يخاف عقباها أي لم يخف الذي عقرها عاقبة ما صنع والقول الأول أولى لدلالة السياق عليه والله أعلم. آخر تفسير سورة الشمس وضحاها ولله الحمد والمنة.
سورة الليل تقدم قوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ " فهلا صليت بسبح اسم ربك الاعلى والشمس وضحاها والليل إذا يغشى " بسم الله الرحمن الرحيم والليل إذا يغشى (1) والنهار إذا تجلى (2) وما خلق الذكر والأنثى (3) إن سعيكم لشتى (4) فأما من أعطى واتقى (5) وصدق بالحسنى (6) فسنيسره لليسرى (7) وأما من بخل واستغنى (8) وكذب بالحسنى (9) فسنيسره للعسرى (10) وما يغنى عنه ماله إذا تردى (11) قال الإمام أحمد حدثنا يزيد بن هارون حدثنا شعبة عن المغيرة عن إبراهيم عن علقمة أنه قدم الشام فدخل مسجد دمشق فصلى فيه ركعتين وقال: اللهم ارزقني جليسا صالحا. قال فجلس إلى أبي الدرداء فقال له أبو الدرداء ممن أنت؟ قال من أهل الكوفة قال كيف سمعت ابن أم عبد يقرأ " والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى " قال علقمة " والذكر والأنثى " فقال أبو الدرداء لقد سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فما زال هؤلاء حتى شككوني ثم قال ألم يكن فيكم صاحب السواد وصاحب السر الذي لا يعلمه أحد غيره والذي أجير من الشيطان على لسان محمد صلى الله عليه وسلم وقد رواه البخاري ههنا ومسلم من طريق الأعمش عن إبراهيم قال قدم أصحاب عبد الله على أبي الدرداء فطلبهم فوجدهم فقال أيكم يقرأ على قراءة عبد الله؟ قالوا كلنا قال أيكم أحفظ؟ فأشاروا إلى علقمة فقال كيف سمعته يقرأ " والليل إذا يغشى " قال " والذكر والأنثى " قال أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هكذا وهؤلاء يريدون أن أقرأ " وما خلق الذكر والأنثى " والله لا أتابعهم هذا لفظ البخاري. وهكذا قرأ ذلك ابن مسعود وأبو الدرداء ورفعه أبو الدرداء وأما الجمهور فقرأوا ذلك كما هو المثبت في المصحف الامام العثماني في سائر الآفاق " وما خلق الذكر والأنثى " فأقسم تعالى بالليل إذا يغشى أي إذا غشي الخليقة بظلامه " والنهار إذا تجلى " أي بضيائه وإشراقه " وما خلق الذكر والأنثى " كقوله تعالى " وخلقناكم أزواجا " وكقوله " ومن كل شئ خلقنا زوجين " ولما كان القسم بهذه الأشياء المتضادة كان المقسم عليه أيضا متضادا ولهذا قال تعالى " إن سعيكم لشتى " أي أعمال العباد التي اكتسبوها متضادة أيضا. ومتخالفة فمن فاعل خيرا ومن فاعل شرا قال الله تعالى " فأما من أعطى واتقى " أي أعطى ما أمر بإخراجه واتقى الله في أموره " وصدق بالحسنى " أي بالمجازاة على ذلك قاله قتادة وقال خصيف بالثواب وقال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وأبو صالح وزيد بن أسلم " وصدق بالحسنى " أي بالخلف وقال أبو عبد الرحمن السلمي والضحاك " وصدق بالحسنى " أي بلا إله إلا الله وفي