مرية فيه ولا شك ولا ريب ثم قال تعالى (فسبح باسم ربك العظيم) أي الذي أنزل هذا القرآن العظيم. آخر تفسير سورة الحاقة ولله الحمد والمنة.
سورة المعارج بسم الله الرحمن الرحيم سأل سائل بعذاب واقع (1) للكافرين ليس له دافع (2) من الله ذي المعارج (3) تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة (4) فاصبر صبرا جميلا (5) إنهم يرونه بعيدا (6) ونراه قريبا (7) (سأل سائل بعذاب واقع) فيه تضمين دل عليه حرف الباء كأنه مقدر استعجل سائل بعذاب واقع كقوله تعالى " ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده " أي وعذابه واقع لا محالة. قال النسائي حدثنا بشر بن خالد حدثنا أبو أسامة حدثنا سفيان عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى " سأل سائل بعذاب واقع " قال النضر بن الحارث بن كلدة وقال العوفي عن ابن عباس " سأل سائل بعذاب واقع " قال ذلك سؤال الكفار عن عذاب الله وهو واقع بهم وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى " سأل سائل " دعا داع بعذاب واقع يقع في الآخرة قال وهو قولهم " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم " وقال ابن زيد وغيره " سأل سائل بعذاب واقع " أي واد في جهنم يسيل يوم القيامة بالعذاب وهذا القول ضعيف بعيد عن المراد والصحيح الأول لدلالة السياق عليه.
وقوله تعالى (واقع للكافرين) أي مرصد معه للكافرين وقال ابن عباس واقع جاء " ليس له دافع " أي لا دافع له إذا أراد الله كونه ولهذا قال (من الله ذي المعارج) قال الثوري عن الأعمش عن رجل عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى " ذي المعارج " قال ذو الدرجات وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ذي المعارج يعني العلو والفواضل وقال مجاهد ذي المعارج السماء وقال قتادة ذو الفواضل والنعم. وقوله تعالى (تعرج الملائكة والروح إليه) قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة تعرج تصعد وأما الروح فقال أبو صالح هم خلق من خلق الله يشبهون الناس وليسوا أناسا. " قلت " ويحتمل أن يكون المراد به جبريل ويكون من باب عطف الخاص على العام ويحتمل أن يكون اسم جنس لأرواح بني آدم فإنها إذا قبضت يصعد بها إلى السماء كما دل عليه حديث البراء وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة من حديث المنهاج عن زاذان عن البراء مرفوعا الحديث بطوله في قبض الروح الطيبة قال فيه " فلا يزال يصعد بها من سماء إلى سماء حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله " والله أعلم بصحته فقد تكلم في بعض رواته ولكنه مشهور وله شاهد في حديث أبي هريرة فيما تقدم من رواية الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة من طريق ابن أبي الدنيا عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سعيد بن يسار عنه وهذا إسناد رجاله على شرط الجماعة وقد بسطنا لفظه عند قوله تعالى " يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ".
وقوله تعالى " في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة " فيه أربعة أقوال " أحدهما " أن المراد بذلك مسافة ما بين العرش العظيم إلى أسفل السافلين وهو قرار الأرض السابعة وذلك مسيرة خمسين ألف سنة هذا ارتفاع العرش عن المركز الذي في وسط الأرض السابعة وكذلك اتساع العرش. من قطر إلى قطر مسيرة خمسين ألف سنة