" وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين ". آخر تفسير سورة التكوير ولله الحمد والمنة.
سورة الانفطار قال النسائي أخبرنا محمد بن قدامة حدثنا جرير عن الأعمش عن محارب بن دثار عن جابر قال: قام معاذ فصلى العشاء الآخرة فطول فقال النبي صلى الله عليه وسلم " أفتان أنت يا معاذ؟ أين كنت عن سبح اسم ربك الاعلى والضحى وإذا السماء انفطرت؟ " وأصل الحديث مخرج في الصحيحين ولكن ذكر " إذا السماء انفطرت " في أفراد النسائي.
وقد تقدم من رواية عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من سره أن ينظر إلى القيامة رأي عين فليقرأ " إذا الشمس كورت " و " إذا السماء انفطرت " و " إذا السماء انشقت ". بسم الله الرحمن الرحيم إذا السماء انفطرت (1) وإذا الكواكب انتثرت (2) وإذا البحار فجرت (3) وإذا القبور بعثرت (4) علمت نفس ما قدمت وأخرت (5) يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم (6) الذي خلقك فسواك فعدلك (7) في أي صورة ما شاء ركبك (8) كلا بل تكذبون بالدين (9) وإن عليكم لحافظين (10) كراما كاتبين (11) يعلمون ما تفعلون (12) يقول تعالى (إذا السماء انفطرت) أي انشقت كما قال تعالى " السماء منفطر به " (وإذا الكواكب انتثرت) أي تساقطت (وإذا البحار فجرت) قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس فجر الله بعضهم في بعض. وقال الحسن فجر الله بعضها في بعض فذهب ماؤها وقال قتادة اختلط عذبها بمالحها وقال الكلبي ملئت (وإذا القبور بعثرت) قال ابن عباس بحثت وقال السدى تبعثر تحرك فيخرج من فيها.
(علمت نفس ما قدمت وأخرت) أي إذا كان هذا حصل هذا وقوله تعالى (يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم) هذا تهديد لا كما يتوهمه بعض الناس من أنه إرشاد إلى الجواب حيث قال الكريم حتى يقول قائلهم غره كرمه بل المعنى في هذه الآية ما غرك يا ابن آدم بربك الكريم أي العظيم حتى أقدمت على معصيته وقابلته بما لا يليق؟ كما جاء في الحديث: " يقول الله تعالى يوم القيامة يا ابن آدم ما غرك بي؟ يا ابن آدم ماذا أجبت المرسلين؟ " قال ابن أبي حاتم حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان أن عمر سمع رجلا يقرأ " يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم " فقال عمر الجهل. وقال أيضا حدثنا عمر بن شيبة حدثنا أبو خلف حدثنا يحيى البكاء سمعت ابن عمر يقول وقرأ هذه الآية " يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم " قال ابن عمر: غره والله جهله قال: وروي عن ابن عباس والربيع بن خيثم والحسن مثل ذلك. وقال قتادة " ما غرك بربك الكريم " شئ ما غر ابن آدم غير هذا العدو الشيطان. وقال الفضيل بن عياض لو قال لي ما غرك بي لقلت ستورك المرخاة. وقال أبو بكر الوراق لو قال لي ما غرك بربك الكريم لقلت غرني كرم الكريم. وقال بعض أهل الإشارة إنما قال بربك الكريم دون سائر أسمائه وصفاته كأنه لقنه الإجابة وهذا الذي تخيله هذا القائل ليس بطائل لأنه إنما أتى باسمه الكريم لينبه