بسوء ويصلوا ما بينه وبينهم من القرابة في ترك أذيته قال الله عز وجل " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " أي أن لا تؤذوني فيما بيني وبينكم من القرابة فلا تؤذوني وتتركوا بيني وبين الناس وعلى هذا وقعت الهدنة يوم الحديبية وكان فتحا مبينا وقوله جل وعلا " إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب " أي لو كان هذا الذي يزعم أن الله تعالى أرسله إليكم كاذبا كما تزعمون لكان أمره بينا يظهر لكل أحد في أقواله وأفعاله فكانت تكون في غاية الاختلاف والاضطراب وهذا نرى أمره سديدا ومنهجه مستقيما ولو كان من المسرفين الكذابين لما هداه الله وأرشده إلى ما ترون من انتظام أمره وفعله ثم قال المؤمن محذرا قومه زوال نعمة الله عنهم وحلول نقمة الله بهم " يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض " أي قد أنعم الله عليكم بهذا الملك والظهور في الأرض بالكلمة النافذة والجاه العريض فراعوا هذه النعمة بشكر الله تعالى وتصديق رسوله صلى الله عليه وسلم واحذروا نقمة الله إن كذبتم رسوله " فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا " أي لا تغني عنكم هذه الجنود وهذه العساكر ولا ترد عنا شيئا من بأس الله إن أرادنا بسوء " قال فرعون " لقومه رادا على ما أشار به هذا الرجل الصالح البار الراشد الذي كان أحق بالملك من فرعون " ما أريكم إلا ما أرى " أي ما أقول لكم وأشير عليكم إلا ما أراه لنفسي وقد كذب فرعون فإنه كان يتحقق صدق موسى عليه السلام فيما جاء به من الرسالة " قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر " وقال الله تعالى " وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا " فقوله " ما أريكم إلا ما أرى " كذب فيه وافترى وخان الله تبارك وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ورعيته فغشهم وما نصحهم وكذا قوله " وما أهديكم إلا سبيل الرشاد " أي وما أدعوكم إلا إلى طريق الحق والصدق والرشد وقد كذب أيضا في ذلك وإن كان قومه قد أطاعوه واتبعوه. قال الله تبارك وتعالى " فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد " وقال جلت عظمته " وأضل فرعون قومه وما هدى " وفي الحديث " ما من إمام يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام ". والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب.
هذا إخبار من الله عز وجل عن هذا الرجل الصالح مؤمن آل فرعون أنه حذر قومه بأس الله تعالى في الدنيا والآخرة فقال " يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب " أي الذين كذبوا رسل الله في قديم الدهر كقوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم من الأمم المكذبة كيف حل بهم بأس الله وما رده عنهم راد ولا صده عنهم صاد " وما الله يريد ظلما للعباد " أي إنما أهلكهم الله تعالى بذنوبهم وتكذيبهم رسله ومخالفتهم أمره فأنفذ فيهم قدره ثم قال " ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد " يعني يوم القيامة وسمي بذلك قال بعضهم لما جاء في حديث الصور إن الأرض إذا زلزلت وانشقت من قطر إلى قطر وماجت وارتجت فنظر الناس إلى ذلك ذهبوا هاربين ينادي بعضهم بعضا وقال آخرون منهم الضحاك بل ذلك إذا جئ بجهنم ذهب الناس هرابا منها فتتلقاهم الملائكة فتردهم إلى