من إله إلا الله الواحد القهار " أي هو وحده قد قهر كل شئ وغلبه " رب السماوات والأرض وما بينهما " أي هو مالك جميع ذلك ومتصرف فيه " العزيز الغفار " أي غفار مع عظمته وعزته " قل هو نبأ عظيم " أي خبر عظيم وشأن بليغ وهو إرسال الله تعالى إياي إليكم " أنتم عنه معرضون " أي غافلون قال مجاهد وشريح القاضي والسدي في قوله عز وجل " قل هو نبأ عظيم " يعني القرآن. وقوله تعالى " ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون " أي لولا الوحي من أين كنت أدري باختلاف الملا الاعلى؟ يعنى في شأن آدم عليه الصلاة والسلام وامتناع إبليس من السجود له ومحاجته ربه في تفضيله عليه فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد حيث قال حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم حدثنا جهضم اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن أبي سلام عن أبي سلام عن عبد الرحمن بن عائش عن مالك بن يخامر عن معاذ رضي الله عنه قال احتبس علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة من صلاة الصبح حتى كدنا نتراءى قرن الشمس فخرج صلى الله عليه وسلم سريعا فثوب بالصلاة فصلى وتجوز في صلاته فلما سلم قال صلى الله عليه وسلم " كما أنتم " ثم أقبل إلينا فقال " إني قمت من الليل فصليت ما قدر لي فنعست في صلاتي حتى استيقظت فإذا أنا بربي عز وجل في أحسن صورة فقال يا محمد أتدري فيم يختصم الملا الاعلى؟ قلت لا أدري يا رب - أعادها ثلاثا - فرأيته وضع كفه بين كتفي حتى وجدت برد أنامله بين صدري فتجلى لي كل شئ وعرفت فقال يا محمد فيم يختصم الملا الاعلى؟ قلت في الكفارات قال وما الكفارات؟ قلت نقل الاقدام إلى الجماعات والجلوس في المساجد بعد الصلوات وإسباغ الوضوء عند الكريهات؟ قال وما الدرجات؟ قلت إطعام الطعام ولين الكلام والصلاة والناس نيام قال سل قلت اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني وإذا أردت فتنة بقوم فتوفني غير مفتون وأسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربني إلى حبك - وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها حق فادرسوها وتعلموها " فهو حديث المنام المشهور ومن جعله يقظة فقد غلط وهو في السنن من طرق وهذا الحديث يعينه قد رواه الترمذي من حديث جهضم بن عبد الله اليمامي به وقال الحسن صحيح وليس هذا الاختصام هو الاختصام المذكور في القرآن فإن هذا قد فسر وأما الاختصام الذي في القرآن فقد فسر بعد هذا وهو قوله تعالى إذ قال ربك لملائكة إني خالق بشرا من طين (71) فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين (72) فسجد الملائكة كلهم أجمعون (73) إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين (74) قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي استكبرت أم كنت من العالمين (75) قال أنا خير منه خلقتني منه خلقتني من نار وخلقته من طين (76) قال فاخرج منها فإنك رجيم (77) وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين (78) قال رب فانظرني إلى يوم يبعثون (79) قال فإنك من المنظرين (80) إلى يوم الوقت المعلوم (81) قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين (82) إلا عبادك منهم المخلصين (83) قال فالحق والحق أقول (84) لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين (85) القصة ذكرها الله تبارك وتعالى في سورة البقرة وفي أول سورة الأعراف وفي سورة الحجر وسبحان والكهف وهنا وهي أن الله سبحانه وتعالى أعلم الملائكة قبل خلق آدم عليه الصلاة والسلام بأنه سيخلق بشرا من صلصال من حمأ مسنون وتقدم إليهم بالامر: متى فرغ من خلقه وتسويته فليسجدوا له إكراما وإعظاما واحتراما وامتثالا لأمر الله عز وجل فامتثل الملائكة كلهم ذلك سوى إبليس ولم يكن منهم جنسا، كان من الجن فخانه طبعه وجبلته
(٤٧)