هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى " الآية وقوله تعالى " وإنك " أي يا محمد " لتهدي إلى صراط مستقيم " وهو الخلق القويم ثم فسره بقوله تعالى " صراط الله " أي شرعه الذي أمر به الله " الذي له ما في السماوات وما في الأرض " أي شرعه الذي أمر به الله " الذي له ما في السماوات وما في الأرض " أي ربهما ومالكهما والمتصرف فيهما والحاكم الذي لا معقب لحكمه " ألا إلى الله تصير الأمور " أي ترجع الأمور فيفصلها ويحكم فيها سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا.
سورة الزخرف بسم الله الرحمان الرحيم حم (1) والكتاب المبين (2) إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون (3) وإنه في أم الكتاب لدينا لعلى حكيم (4) أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين (5) وكم أرسلنا من نبي في الأولين (6) وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزءون (7) فأهلكنا أشد منهم بطشا ومضى مثل الأولين (8) يقول تعالى " حم * والكتاب المبين " أي البين الواضح الجلي المعاني والألفاظ لأنه نزل بلغة العرب التي هي أفصح اللغات للتخاطب بين الناس قال تعالى " إنا جعلناه " أي أنزلناه " قرآنا عربيا " أي بلغة العرب فصيحا واضحا " لعلكم تعقلون " أي تفهمونه وتتدبرونه كما قال عز وجل " بلسان عربي مبين " قوله تعالى " وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم " بين شرفه في الملا الاعلى ليشرفه ويعظمه ويطيعه أهل الأرض فقال تعالى " وإنه " أي القرآن " في أم الكتاب " أي اللوح المحفوظ قاله ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد " لدينا " أي عندنا قاله قتادة وغيره " لعلي " أي ذو مكانة عظيمة وشرف وفضل قاله قتادة " حكيم " أي محكم برئ من اللبس والزيغ وهذا كله تنبيه على شرفه وفضله كما قال تبارك وتعالى " إنه لقرآن كريم * في كتاب مكنون * لا يمسه إلا المطهرون * تنزيل من رب العالمين " وقال تعالى " كلا إنها تذكرة * فمن شاء ذكره * في صحف مكرمة * مرفوعة مطهرة * بأيدي سفرة * كرام بررة " ولهذا استنبط العلماء رضي الله عنهم من هاتين الآيتين أن المحدث لا يمس المصحف كما ورد به الحديث إن صح لان الملائكة يعظمون المصاحف المشتملة على القرآن في الملا الاعلى فأهل الأرض بذلك أولى وأحرى لأنه نزل عليهم وخطابه متوجه إليهم فهم أحق أن يقابلوه بالاكرام والتعظيم والانقياد له بالقبول والتسليم لقوله تعالى " وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ". وقوله عز وجل " أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين " اختلف المفسرون في معناها فقيل معناها أتحسبون أن نصفح عنكم فلا نعذبكم ولم تفعلوا ما أمرتم به قاله ابن عباس رضي الله عنهما وأبو صالح ومجاهد والسدي واختاره ابن جرير وقال قتادة في قوله تعالى " أفنضرب عنكم الذكر صفحا " والله لو أن هذا القرآن رفع حين ردته أوائل هذه الأمة لهلكوا ولكن الله تعالى عاد بعائدته ورحمته فكرره عليهم ودعاهم إليه عشرين سنة أو ما شاء الله من ذلك وقول قتادة لطيف المعنى جدا وحاصله أنه يقول في معناه أنه تعالى من لطفه ورحمته بخلقه لا يترك دعاءهم إلى الخير وإلى الذكر الحكيم وهو القرآن وإن كانوا مسرفين معرضين عنه بل أمر به ليهتدي به من قدر هدايته وتقوم الحجة على من كتب شقاوته ثم قال جل وعلا مسليا لنبيه صلى الله عليه وسلم في تكذيب من