الأول أظهر لدلالة الآيات الأخر عليه والله سبحانه وتعالى أعلم ثم قال تعالى " فذرهم " أي يا محمد " يخوضوا ويلعبوا " أي دعهم في تكذيبهم وكفرهم وعنادهم " حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون " أي فسيعلمون غب ذلك ويذوقون وباله (يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم نصب يوفضون) أي يقومون من القبور إذا دعاهم الرب تبارك وتعالى لموقف الحساب ينهضون سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون قال ابن عباس ومجاهد والضحاك إلى علم يسعون وقال أبو العالية ويحيى بن أبي كثير إلى غاية يسعون إليها وقد قرأ الجمهور إلى نصب بفتح النون وإسكان الصاد وهو مصدر بمعنى المنصوب وقرأ الحسن البصري نصب بضم النون والصاد هو الصنم أي كأنهم في إسراعهم إلى الموقف كما كانوا في الدنيا يهرولون إلى النصب إذا عاينوه يوفضون يبتدرون أيهم يستلمه أول وهذا مروى عن مجاهد ويحيى بن أبي كثير مسلم البطين وقتادة والضحاك والربيع بن أنس وأبي صالح وعاصم بن بهدلة وابن زيد وغيرهم. وقوله تعالى " خاشعة أبصارهم " أي خاضعة " ترهقهم ذلة " أي في مقابلة ما استكبروا في الدنيا عن الطاعة (ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون) آخر تفسير سورة سأل سائل ولله الحمد والمنة.
سورة نوح بسم الله الرحمن الرحيم إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم (1) قال يا قوم إني لكم نذير مبين (2) أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون (3) يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون (4) يقول تعالى مخبرا عن نوح عليه السلام أنه أرسله إلى قومه آمرا له أن ينذرهم بأس الله قبل حلوله بهم فإن تابوا وأنابوا رفع عنهم ولهذا قال تعالى " أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم قال يا قوم إني لكم نذير مبين) أي بين النذارة ظاهر الامر واضحه (أن اعبدوا الله واتقوه) أي اتركوا محارمه واجتنبوا مآثمه " وأطيعون " فيما آمركم به وأنهاكم عنه " يغفر لكم من ذنوبكم " أي إذا فعلتم ما آمركم به وصدقتم ما أرسلت به إليكم غفر الله لكم ذنوبكم " ومن ههنا قيل إنها زائدة ولكن القول بزيادتها في الاثبات قليل ومنه قول بعض العرب: قد كان من مطر وقيل إنها بمعنى عن تقديره يصفح لكم عن ذنوبكم واختاره ابن جرير وقيل إنها للتبعيض أي يغفر لكم الذنوب العظام التي وعدكم على ارتكابكم إياها الانتقام " ويؤخركم إلى أجل مسمى " أي يمد في أعماركم ويدرأ عنكم العذاب الذي إن لم تجتنبوا ما نهاكم عنه أوقعه بكم وقد يستدل بهذه الآية من يقول إن الطاعة والبر وصلة الرحم يزاد بها في العمر حقيقة كما ورد به الحديث " صلة الرحم تزيد في العمر ".
وقوله تعالى " إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون " أي بادروا بالطاعة قبل حلول النقمة فإنه إذا أمر تعالى يكون ذلك لا يرد ولا يمانع فإنه العظيم الذي قد قهر كل شئ العزيز الذي دانت لعزته جميع المخلوقات.
قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا (5) فلم يزدهم دعائي إلا فرارا (6) وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا