الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر * سيعلمون غدا من الكذاب الأشر " وقوله تعالى " أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب " أي إن كان لهم ذلك فليصعدوا في الأسباب قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وغيرهم يعني طرق السماء وقال الضحاك رحمه الله تعالى فليصعدوا إلى السماء السابعة قال عز وجل " جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب " أي هؤلاء الجند المكذبون الذين هم في عزة وشقاق سيهزمون ويغلبون ومكبتون كما كبت الذين من قبلهم من الأحزاب المكذبين وهذه الآية كقوله جلت عظمته " أم يقولون نحن جميع منتصر * سيهزم الجمع ويولون الدبر " وكان ذلك يوم بدر " بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر ".
كذبت قبلهم قوم نوح وعاد ذو الأوتاد (12) وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب (13) إن كل كذب الرسل فحق عقاب (14) وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لهم من فواق (15) وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب (16) اصبر على ما يقولون يقول تعالى مخبرا عن هؤلاء القرون الماضية وما حل بهم من العذاب والنكال والنقمات في مخالفة الرسل وتكذيب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وقد تقدمت قصصهم مبسوطة في أماكن متعددة وقوله تعالى " أولئك الأحزاب " أي كانوا أكثر منكم وأشد قوة وأكثر أموالا وأولادا فما دافع ذلك عنهم من عذاب الله من شئ لما جاء أمر ربك ولهذا قال عز وجل " إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب " فجعل علة إهلاكهم هو تكذيبهم بالرسل فليحذر المخاطبون من ذلك أشد الحذر وقوله تعالى " وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق " قال مالك عن زيد بن أسلم أي ليس لها مثنوية أي ما ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها أي فقد اقتربت ودنت وأزفت وهذه الصيحة هي نفخة الفزع التي يأمر الله تعالى إسرافيل أن يطولها فلا يبقى أحد من أهل السماوات والأرض إلا فزع إلا من استثنى الله عز وجل وقوله جل جلاله " وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب " هذا إنكار من الله تعالى على المشركين في دعائهم على أنفسهم بتعجيل العذاب فإن القط هو الكتاب وقيل هو الحظ والنصيب قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد والضحاك والحسن وغير واحد سألوا تعجيل العذاب زاد قتادة كما قالوا " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم " وقيل سألوا تعجيل نصيبهم من الجنة إن كانت موجودة ليلقوا ذاك في الدنيا وإنما خرج هذا منهم مخرج الاستبعاد والتكذيب. قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم آمرا له بالصبر على أذاهم ومبشرا له على صبره بالعاقبة والنصر والظفر.
واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب (17) إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشى والاشراق (18) والطير محشورة كل له أواب (19) وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب (20) تعالى عن عبده ورسوله داود عليه الصلاة والسلام أنه كان ذا أيد والأيد القوة في العلم والعمل قال ابن