وفي الصحيح عن الزهري عن عروة عن المسور ومروان بن الحكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عاهد كفار قريش يوم الحديبية جاءه نساء من المؤمنات فأنزل الله عز وجل " يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات - إلى قوله - ولا تمسكوا بعصم الكوافر " فطلق عمر بن الخطاب يومئذ امرأتين تزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان والاخرى صفوان بن أمية. وقال ابن ثور عن معمر عن الزهري: أنزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بأسفل الحديبية حين صالحهم على أنه من أتاه منهم رده إليهم فلما جاءه النساء نزلت هذه الآية وأمره أن يرد الصداق إلى أزواجهن وحكم على المشركين مثل ذلك إذا جاءتهم امرأة من المسلمين أن يردوا الصداق إلى أزواجهن وقال " ولا تمسكوا بعصم الكوافر " وهكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وقال وإنما حكم الله بينهم بذلك لأجل ما كان بينهم وبينهم من العهد وقال محمد بن إسحاق عن الزهري طلق عمر يومئذ قريبة بنت أبي أمية بن المغيرة فتزوجها معاوية وأم كلثوم بنت عمرو بن جرول الخزاعية وهي أم عبد الله فتزوجها أبو جهم بن حذيفة بن غانم رجل من قومه وهما على شركهما وطلق طلحة بن عبيد الله أروى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب فتزوجها بعده خالد بن سعيد بن العاص. وقوله تعالى " واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا " أي وطالبوا بما أنفقتم على أزواجكم اللاتي يذهبن إلى الكفار إن ذهبن وليطالبوا بما أنفقوا على أزواجهم اللاتي هاجرن إلى المسلمين وقوله " ذلكم حكم الله يحكم بينكم " أي في الصلح واستثناء النساء منه والامر بهذا كله هو حكم الله يحكم به بين خلقه " والله عليم حكيم " أي عليم بما يصلح عباده حكيم في ذلك ثم قال تعالى " وإن فاتكم شئ من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما انفقوا " قال مجاهد وقتادة هذا في الكفار الذين ليس لهم عهد إذا فرت إليهم امرأة ولم يدفعوا إلى زوجها شيئا فإذا جاءت منهم امرأة لا يدفع إلى زوجها شئ حتى يدفع إلى زوج الذاهبة إليهم مثل نفقته عليها وقال ابن جرير حدثنا يونس حدثنا ابن وهب أخبرني يونس عن الزهري قال أقر المؤمنون بحكم الله فأدوا ما أمروا به من نفقات المشركين التي أنفقوا على نسائهم وأبى المشركون أن يقروا بحكم الله فيما فرض عليهم من أداء نفقات المسلمين فقال الله تعالى للمؤمنين به " وإن فاتكم شئ من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون " فلو أنها ذهبت بعد هذه الآية امرأة من أزواج المؤمنين إلى المشركين رد المؤمنون إلى زوجها النفقة التي أنفق عليها من العقب الذي بأيديهم الذي أمروا أن يردوه على المشركين من نفقاتهم التي أنفقوا على أزواجهم اللاتي آمن وهاجرن ثم ردوا إلى المشركين فضلا إن كان بقي لهم والعقب ما كان بقي من صداق نساء الكفار حين آمن وهاجرن وقال العوفي عن ابن عباس في هذه الآية: يعني إن لحقت امرأة رجل من المهاجرين بالكفار أمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يعطى مثل ما أنفق من الغنيمة وهكذا قال مجاهد " فعاقبتم " أصبتم غنيمة من قريش أو غيرهم " فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا " يعني مهر مثلها. وهكذا قال مسروق وإبراهيم وقتادة ومقاتل والضحاك وسفيان بن حسين والزهري أيضا. وهذا لا ينافي الأول لأنه إذا أمكن الأول فهو الأولى وإلا فمن الغنائم اللاتي تؤخذ من أيدي الكفار وهذا أوسع وهو اختيار ابن جرير ولله الحمد والمنة.
يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم (12) قال البخاري حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا ابن أخي ابن شهاب عن عمه قال أخبرني عروة أن عائشة زوج النبي