أحوج ما كان إليه فاستنكف عن السجود لآدم وخاصم ربه عز وجل فيه وادعى أنه خير من آدم فإنه مخلوق من نار وآدم خلق من طين والنار خير من الطين في زعمه وقد أخطأ في ذلك وخالف أمر الله تعالى وكفر بذلك فأبعده الله عز وجل وأرغم أنفه وطرده عن باب رحمته ومحل أنسه وحضرة قدسه وسماه إبليس إعلاما له بأنه قد أبلس من الرحمة وأنزله من السماء مذموما مدحورا إلى الأرض فسأل الله النظرة إلى يوم البعث فأنظره الحليم الذي لا يعجل على من عصاه فلما أمن الهلاك إلى القيامة تمرد وطغى وقال " فبعزتك لأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين " كما قال عز وجل " أرأيتك هذا الذي كرمت علي * لئن أخرتن إلى يوم القيامة لاحتنكن ذريته إلا قليلا " وهؤلاء هم المسنون في الآية الأخرى وهي قوله تعالى " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا " وقوله تبارك وتعالى " قال فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين " قرأ ذلك جماعة منهم مجاهد برفع الحق الأول وفسره مجاهد بأن معناه أنا الحق والحق أقول وفي رواية عنه: الحق مني وأقول الحق وقرأ آخرون بنصبهما قال السدي هو قسم أقسم الله به " قلت " وهذه الآية كقوله تعالى " ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين " وكقوله عز وجل " قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا ".
قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من المتكلمين (86) إن هو إلا ذكر للعالمين (87) ولتعلمن نبأه بعد حين (88) يقول تعالى قل يا محمد لهؤلاء المشركين ما أسألهم على هذا البلاغ وهذا النصح أجرا تعطونيه من عرض الحياة الدنيا " وما أنا من المتكلفين " أي وما أريد على ما أرسلني الله تعالى به ولا أبتغي زيادة عليه بل ما أمرت به أديته لا أزيد عليه ولا أنقص منه وإنما أبتغي بذلك وجه الله عز وجل والدار الآخرة قال سفيان الثوري عن الأعمش ومنصور عن أبي الضحى عن مسروق قال: أتينا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال يا أيها الناس من علم شيئا فليقل به ومن لم يعلم فليقل الله أعلم فإن من العلم أن يقول الرجل لما لا يعلم الله أعلم فإن الله عز وجل قال لنبيكم " قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين " أخرجاه من حديث الأعمش به وقوله تعالى " إن هو إلا ذكر للعالمين " يعني القرآن ذكر لجميع المكلفين من الإنس والجن قاله ابن عباس رضي الله عنهما وروى ابن أبي حاتم عن أبيه عن أبي غسان مالك بن إسماعيل حدثنا قيس بن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى " للعالمين " قال الجن والإنس وهذه الآية كقوله تعالى " لأنذركم به ومن بلغ " وكقوله عز وجل " ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده " وقوله تعالى " ولتعلمن نبأه " أي خيره وصدقه " بعد حين " أي عن قريب قال قتادة بعد الموت وقال عكرمة يعني يوم القيامة ولا منافاة بين القولين فإن من مات فقد دخل في حكم القيامة وقال قتادة في قوله تعالى " ولتعلمن نبأه بعين حين " قال الحسن يا ابن آدم عند الموت يأتيك الخبر اليقين. آخر تفسير سورة ص ولله الحمد المنة والله سبحانه وتعالى أعلم.
سورة الزمر قال النسائي حدثنا محمد بن النضر بن مساور حدثنا حماد عن مروان بن أبي لبابة عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول ما يريد أن يفطر ويفطر حتى نقول ما يريد أن يصوم وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ في كل ليلة بني إسرائيل والزمر.