يقول تعالى قل يا محمد وأنت رسول الله " إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم " وهو يوم القيامة وهذا شرط ومعناه التعريض بغيره بطريق الأولى والاخرى " قل الله أعبد مخلصا له ديني فاعبدوا ما شئتم من دونه " وهذا أيضا تهديد وتبرر منهم " قل إن الخاسرين " أي إنما الخاسرون كل الخسران " الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة " أي تفارقوا فلا التقاء لهم أبدا وسواء ذهب أهلوهم إلى الجنة وقد ذهبوا هم إلى النار أو أن الجميع أسكنوا النار ولكن لا اجتماع لهم ولا سرور " ألا ذلك هو الخسران المبين " أي هذا هو الخسران المبين الظاهر الواضح ثم وصف حالهم في النار فقال " لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل " كما قال عز وجل " لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجز الظالمين " وقال تعالى " يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون " وقوله جل جلاله " ذلك يخوف الله به عباده " أي إنما يقص خبر هذا الكائن لا محالة ليخوف به عباده لينزجروا عن المحارم والمآثم وقوله تعالى " يا عباد فاتقون " أي أخشوا بأسي وسطوتي وعذابي ونقمتي والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد (17) الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وألآئك هم أولوا الألباب (18) قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه " والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها " نزلت في زيد بن عمرو بن نفيل وأبي ذر وسلمان الفارسي رضي الله تعالى عنهم والصحيح أنها شاملة لهم ولغيرهم ممن اجتنب عبادة الأوثان وأناب إلى عبادة الرحمن فهؤلاء هم الذين لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ثم قال عز وجل " فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه " أي يفهمونه ويعملون بما فيه كقوله تبارك وتعالى لموسى عليه الصلاة والسلام حين آتاه التوراة " فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها " " أولئك الذين هداهم الله " أي المتصفون بهذه الصفة هم الذين هداهم الله في الدنيا والآخرة " وأولئك هم أولوا الألباب " أي ذو العقول الصحيحة والفطر المستقيمة.
أفمن حق عليه كلمة العذاب أفانت تنقذ من في النار (19) لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجرى من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد (20) يقول تعالى أفمن كتب الله أنه شقي تقدر تنقذه مما هو فيه من الضلال والهلاك؟ أي لا يهديه أحد من بعد الله لأنه من يضلل الله فلا هادي له ومن يهده فلا مضل له. ثم أخبر عز وجل عن عباده السعداء أن لهم غرفا في الجنة وهي القصور أي الشاهقة " من فوقها غرف مبنية " طباق فوق طباق مبنيات محكمات مزخرفات عاليات قال عبد الله بن الإمام أحمد حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي ثنا محمد بن فضيل عن عبد الرحمن بن إسحاق عن النعمان بن سعد عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن في الجنة لغرفا يرى بطونها من ظهورها وظهورها من بطونها " فقال أعرابي لمن هي يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم " لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وصلى بالليل والناس نيام " ورواه الترمذي من حديث عبد الرحمن بن إسحاق وقال حسن غريب وقد تكلم بعض أهل العلم فيه من قبل حفظه وقال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن ابن معانق - أو أبي