" عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم " تقدم تفسيره غير مرة. آخر تفسير سورة التغابن ولله الحمد والمنة.
سورة الطلاق بسم الله الرحمن الرحيم يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا (1) خوطب النبي صلى الله عليه وسلم أولا تشريفا وتكريما ثم خاطب الأمة تبعا فقال تعالى " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن " وقال ابن أبي حاتم ثنا محمد بن ثواب بن سعيد الهباري ثنا أسباط بن محمد عن سعيد عن قتادة عن أنس قال: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة فأتت أهلها فأنزل الله تعالى " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن " فقيل له راجعها فإنها صوامة قوامة وهي من أزواجك ونسائك في الجنة ورواه ابن جرير عن ابن بشار عن عبد الاعلى عن سعيد عن قتادة فذكره مرسلا وقد ورد من غير وجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها وقال البخاري ثنا يحيى بن بكير ثنا الليث حدثني عقيل عن ابن شهاب أخبرني سالم أن عبد الله بن عمر أخبره أنه طلق امرأة له وهي حائض فذكر عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتغيظ رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ثم قال " ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا قبل أن يمسها فتلك العدة التي أمر بها الله عز وجل " هكذا رواه البخاري ههنا وقد رواه في مواضع من كتابه ومسلم ولفظه " فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء " ورواه أصحاب الكتب والمسانيد من طرق متعددة وألفاظ كثيرة وموضع استقصائها كتب الاحكام وأمس لفظ يورد ههنا ما رواه مسلم في صحيحه من طريق ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن مولى عزة يسأل ابن عمر وأبو الزبير يسمع: كيف ترى في الرجل طلق امرأته حائضا فقال طلق ابن عمر امرأته حائضا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليراجعها - فردها وقال - إذا طهرت فليطلق أو يمسك " قال ابن عمر: وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن " وقال الأعمش عن مالك بن الحارث عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله في قوله تعالى " فطلقوهن لعدتهن " قال الطهر من غير جماع وروي عن ابن عمر وعطاء ومجاهد والحسن وابن سيرين وقتادة وميمون بن مهران ومقاتل بن حيان مثل ذلك وهو رواية عن عكرمة والضحاك وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى " فطلقوهن لعدتهن " قال لا يطلقها وهي حائض ولا في طهر قد جامعها فيه ولكن يتركها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها تطليقة. وقال عكرمة " فطلقوهن لعدتهن " العدة الطهر والقرء الحيضة أن يطلقها حبلى مستبينا حملها ولا يطلقها وقد طاف عليها ولا يدري حبلى هي أم لا. ومن هاهنا أخذ الفقهاء أحكام الطلاق وقسموه إلى طلاق سنة وطلاق بدعة فطلاق السنة أن يطلقها من غير جماع أو حاملا قد استبان حملها والبدعة هو أن يطلقها في حال الحيض أو في طهر قد جامعها فيه ولا يدري أحملت أم لا وطلاق ثالث لا سنة فيه ولا بدعة وهو طلاق الصغيرة والآيسة وغير المدخول بها وتحرير الكلام في ذلك وما يتعلق به مستقصى في كتب الفروع والله سبحانه وتعالى أعلم. وقوله تعالى