فطار من بين أيديهم حتى وقع على شرفة والخاتم معه ثم طار حتى ذهب إلى البحر فوقع الخاتم منه في البحر فابتلعه حوت من حيتان البحر قال وأقبل سليمان عليه الصلاة والسلام في حاله التي كان فيها حتى انتهى إلى صياد من صيادي البحر وهو جائع وقد اشتد جوعه فسألهم من صيدهم وقال إني أنا سليمان فقام إليه بعضهم فضربه بعصا فشجه فجعل يغسل دمه وهو على شاطئ البحر فلام الصيادون صاحبهم الذي ضربه فقالوا بئس ما صنعت حيث ضربته قال إنه زعم أنه سليمان قال فأعطوه سمكتين مما قد مذر عندهم ولم يشغله ما كان به من الضرب حتى قام إلى شاطئ البحر فشق بطونهما فجعل يغسل فوجد خاتمه في بطن إحداهما فأخذه فلبسه فرد الله عليه بهاءه وملكه فجاءت الطير حتى حامت عليه فعرف القوم أنه سليمان عليه الصلاة والسلام فقام القوم يعتذرون مما صنعوا فقال ما أحمدكم على عذركم ولا ألومكم على ما كان منكم كان هذا الامر لا بد منه قال فجاء حتى أتى ملكه وأرسل إلى الشيطان فجئ به فأمر به فجعل في صندوق من حديد ثم أطبق عليه وقفل عليه بقفل وختم عليه بخاتمه ثم أمر به فألقي في البحر فهو فيه حتى تقوم الساعة وكان اسمه حبقيق قال وسخر الله له الريح ولم تكن سخرت له قبل ذلك وهو قوله " وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي إنك أنت الوهاب " وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تبارك وتعالى " وألقينا على كرسيه جسدا " قال شيطانا يقال له آصف فقال له سليمان عليه السلام كيف تفتنون الناس؟ قال أرني خاتمك أخبرك فلما أعطاه إياه نبذه آصف في البحر فساح سليمان عليه السلام وذهب ملكه وقعد آصف على كرسيه ومنعه الله تبارك وتعالى من نساء سليمان فلم يقربهن ولم يقربنه وأنكرنه قال فكان سليمان عليه الصلاة والسلام يستطعم فيقول أتعرفوني؟ أطعموني أنا سليمان فيكذبونه حتى أعطته امرأته يوما حوتا ففتح بطنه فوجد خاتمه في بطنه فرجع إليه ملكه وفر آصف فدخل البحر هذه كلها من الإسرائيليات ومن أنكرها ما قاله ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين حدثنا محمد بن العلاء وعثمان بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالوا حدثنا أبو معاوية أخبرنا الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى " وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب " قال أراد سليمان عليه الصلاة والسلام أن يدخل الخلاء فأعطى الجرادة خاتمه وكانت الجرادة امرأته وكانت أحب نسائه إليه فجاء الشيطان في صورة سليمان فقال لها هاتي خاتمي فأعطته إياه فلما لبسه دانت له الإنس والجن والشياطين فلما خرج سليمان عليه السلام من الخلاء قال لها هاتي خاتمي قالت قد أعطيته سليمان قال أنا سليمان قالت كذبت ما أنت بسليمان فجعل لا يأتي أحدا يقول له أنا سليمان إلا كذبه حتى جعل الصبيان يرمونه بالحجارة فلما رأى ذلك سليمان عرف أنه من أمر الله عز وجل قال وقام الشيطان يحكم بين الناس فلما أراد الله تبارك وتعالى أن يرد على سليمان سلطانه ألقى في قلوب الناس إنكار ذلك الشيطان قال فأرسلوا إلى نساء سليمان فقالوا لهن أتنكرن من سليمان شيئا؟ قلن نعم إنه يأتينا ونحن حيض وما كان يأتينا قبل ذلك فلما رأى الشيطان أنه قد فطن له ظن أن أمره قد انقطع فكتبوا كتبا فيها سحر وكفر فدفنوها تحت كرسي سليمان ثم أثاروها وقرأوها على الناس وقالوا بهذا كان يظهر سليمان على الناس ويغلبهم فأكفر الناس سليمان عليه الصلاة والسلام فلم يزالوا يكفرونه وبعث ذلك الشيطان بالخاتم فطرحه في البحر فتلقته سمكة فأخذته وكان سليمان عليه السلام يحمل على شط البحر بالاجر فجاء رجل فاشترى سمكا فيه تلك السمكة التي في بطنها الخاتم فدعا سليمان عليه الصلاة والسلام فقال تحمل لي هذا السمك؟ فقال نعم قال بكم؟ قال بسمكة من هذا السمك قال فحمل سليمان عليه الصلاة والسلام السمك ثم انطلق به إلى منزله فلما انتهى الرجل إلى بابه أعطاه تلك السمكة التي في بطنها الخاتم فأخذها سليمان عليه الصلاة والسلام فشق بطنها فإذا الخاتم في جوفها فأخذه فلبسه قال فلما لبسه دانت له الجن والإنس والشياطين وعاد إلى حاله وهرب الشيطان حتى لحق بجزيرة من جزائر البحر فأرسل سليمان عليه السلام في طلبه وكان شيطانا مريدا فجعلوا يطلبونه ولا يقدرون عليه حتى وجدوه يوما نائما فجاءوا فبنوا عليه بنيانا من رصاص فاستيقظ فوثب
(٣٩)