ورواه مسلم من حديث سفيان بن عيينة به وأخرجاه أيضا من حديث الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن جابر رضي الله عنه قال: كنا يومئذ ألفا وأربعمائة ووضع يده في ذلك الماء فجعل الماء ينبع من بين أصابعه حتى رووا كلهم وهذا مختصر من سياق آخر حين ذكر قصة عطشهم يوم الحديبية وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاهم سهما من كنانته فوضعوه في بئر الحديبية فجاشت بالماء حتى كفتهم فقيل لجابر رضي الله عنه كم كنتم يومئذ؟ قال كنا ألفا وأربعمائة ولو كنا مائة ألف لكفانا وفي رواية في الصحيحين عن جابر رضي الله عنه أنهم كانوا خمس عشرة مائة وروى البخاري من حديث قتادة قلت لسعيد بن المسيب كم كان الذين شهدوا بيعة الرضوان؟ قال خمس عشرة مائة قلت فإن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كانوا أربع عشرة مائه قال رحمه الله: وهم هو حدثني أنهم كانوا خمس عشرة مائة. قال البيهقي هذه الرواية تدل على أنه كان في القديم يقول خمس عشرة مائة ثم ذكر الوهم فقال أربع عشرة مائة وروى العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنهم كانوا ألفا وخمسمائة وخمسة وعشرين والمشهور الذي رواه عنه غير واحد أربع عشرة مائة وهذا هو الذي رواه البيهقي عن الحاكم عن الأصم عن العباس الدوري عن يحيى بن معين عن شبابة بن سوار عن شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة ألفا وأربعمائة وكذلك هو الذي في رواية سلمة بن الأكوع ومعقل بن يسار البراء بن عازب رضي الله عنهم وبه يقول غير واحد من أصحاب المغازي والسير وقد أخرج صاحبا الصحيح من حديث شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه يقول: كان أصحاب الشجرة ألفا وأربعمائة وكانت أسلم يومئذ ثمن المهاجرين وروى محمد بن إسحاق في السيرة عن الزهري عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم أنهما حدثاه قالا: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية يريد زيارة البيت لا يريد قتالا وساق معه الهدي سبعين بدنة وكان الناس سبعمائة رجل كل بدنة عن عشرة نفر وكان جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فيما بلغني عنه يقول: كنا أصحاب الحديبية أربعة عشرة مائة كذا قال ابن إسحاق وهو معدود من أوهامه فإن المحفوظ في الصحيحين أنهم كانوا بضع عشرة مائة كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
" ذكر سبب هده البيعة العظيمة " قال محمد بن إسحاق بن يسار في السيرة ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليبعثه إلى مكة ليبلغ عنه أشراف قريش ما جاء له فقال يا رسول الله إني أخاف قريشا على نفسي وليس بمكة من بني عدي بن كعب من يمنعني وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظي عليها ولكني أدلك على رجل أعز بها مني عثمان بن عفان رضي الله عنه نبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب وأنه إنما جاء زائرا لهذا البيت ومعظما لحرمته فخرج عثمان رضي الله عنه إلى مكة فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حين دخل مكة أو قبل أن يدخلها فحمله بين يديه ثم أجاره حتى بلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق عثمان رضي الله عنه حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش فبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرسله به فقالوا لعثمان رضي الله عنه حين فرغ من رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم إن شئت أن تطوف بالبيت فطف فقال ما كنت لافعل حتى يطوف به رسول صلى الله عليه وسلم واحتبسته قريش عندها فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين أن عثمان رضي الله عنه قد قتل قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين بلغه أن عثمان قد قتل: " لا نبرح حتى نناجز القوم " ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة فكان الناس يقولون بايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت وكان جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبايعهم على الموت ولكن بايعنا على أن لا نفر فبايع الناس ولم يتخلف أحد من المسلمين حضرها إلا الجد بن قيس أخو بني سلمة فكان جابر رضي الله عنه يقول والله لكأني أنظر إليه لاصقا بإبط ناقته قد صبأ إليها يستتر بها من الناس ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الذي كان من أمر عثمان